وفقًا لمنظمة الصحّة العالميّة (WHO) فإنّ أمراض الصّحة النفسية تأخذ حيّزًا في فئة الأمراض التي تصيب الشّباب المراهقين- والتي تتراوح أعمارهم بين 10 إلى 19 عامًا-، إذ يصل إلى 16% من إجمالي الأمراض جميعها، كما أنّ نصف حالات الاضطرابات النفسية تبدأ عند سن 14 عامًا ومعظمها لا يتمّ الكشف عنها أو علاجها.[١]

الأمراض النفسيّة الأكثر شيوعًا في فترة المراهقة

يعدّ كلّ من القلق، أو الاكتئاب، أو المشاكل السلوكيّة واضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD)، من أكثر الأمراض العقليّة شيوعًا والتي يتم تشخيصها لدى المراهقين، حيث:[٢]

  • 9.4% من الأطفال والمراهقين ممن تتراوح أعمارهم بين 2-17 عامًا تلقّوا تشخيصًا باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.
  • 7.4% من الأطفال والمراهقين ممن تتراوح أعمارهم بين 3-17 عامًا تلقّوا تشخيصًا بوجود مشاكل سلوكيّة لديهم.
  • 7.1% من الأطفال والمراهقين ممن تتراوح أعمارهم بين 3-17 عامًا تلقّوا تشخيصًا بتعرّضهم للقلق.
  • 3.2% من الأطفال والمراهقين ممن تتراوح أعمارهم بين 3-17 عامًا تلقّوا تشخيصًا بالاكتئاب.


اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD)

يؤثّر اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط في سلوك المريض، حيث يرافق الاضطراب أعراضٌ كالأرق، أو التصرّف باندفاع، أو عدم القدرة على التّركيز في مهمّةٍ واحدة، بالإضافة إلى البقاء في وضعيّة الجلوس لفتراتٍ طويلة، ويُصيب اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط المراهقين والبالغين معًا، ولكن غالبًا ما يتم تشخيصه لأعمار ما بين 6-12 عامًا.[٣]


القلق

يتمركز القلق المستمرّ الذي يصيب المراهقين في هذه المرحلة حول التغيّرات الحاصلة في المشاعر، أو المظهر الخارجي، أو تقبّل المجتمع والآخرين لهم وحول استقلاليّتهم أيضًا، إذ يرافق اضطراب القلق شعورًا بالخجل الشّديد الذي يمنعهم من الاشتراك بالنّشاطات المُعتادة، ورفض خوض تجارب جديدة، ومن أعراض القلق:[٤][٥]

  • وجود قلق ومخاوف مستمرّة حول الأحداث اليوميّة المُعتادة.
  • تغيّرات سلوكية.
  • رفض الانخراط بالنّشاطات الاجتماعية وارتياد المدرسة الذي يرافقه تراجع في الأداء الدراسي.
  • اضطرابات في النّوم والتّركيز.


الاكتئاب

بالرّغم من تغيّرات المزاج الطّبيعيّة الحاصلة في مرحلة المراهقة والتصرّفات غير المنطقيّة في بعض الأحيان، إلّا أنّ الاكتئاب أمر آخر تمامًا ونتائجه تفوق تغيّر المزاج أيضًا، فقد يؤثّر الاكتئاب سلبًا بشكل كبيرٍ في شخصيّة المراهق مما يسبّب شعورًا غامرًا بالحزن، أو اليأس والغضب، وقد يرافق الاكتئاب بعض الأمور التي تدلّ على حدوثه منها:[٦]

  • هروب المراهقين من المنزل أو الحديث حول نيتهم بالهروب.
  • شرب الكحول، وتعاطي المخدّرات لاعتقادهم بأنّها تُعالِج اكتئابهم.
  • تدنّي نظرة المراهقين لأنفسهم، فقد يؤدّي الاكتئاب إلى مشاعر من الفشل وعدم الجدارة.
  • إدمان استخدام الإنترنت والهواتف النقّالة في سبيل الهروب من مشاكلهم، في حين قد يزيد استخدام الإنترنت من العزلة والاكتئاب.
  • ارتفاع معدّل الممارسات الخَطِرة التي قد يفعلها المراهق، مثل القيادة المتهوّرة والشّراهة في الشرب.
  • ممارسة العنف، وخصوصًا لدى الذكور المعرّضين للتنمّر.


المشاكل السلوكيّة

تتراوح ما بين سلوكيّاتٍ ينتهك فيها المراهق حقوق الآخرين والمعايير المجتمعيّة كالاعتدء على الآخرين أو الحيوانات، أو تدمير الممتلكات والسّرقة أو انتهاكٍ للقواعد العامّة كالهروب أو التغيّب عن المدرسة، وقد يتبع المُراهِق سلوكًا آخر مثل المعارضة والتحدّي الدائم، وغالبًا ما يُجادِل ويلوم البالغين، ويرفض اتّباع القواعد ويشعر بمشاعر من الاستياء، أو الغضب، أو الحقد والانتقام.[٧]


عوامل تؤثر في الصحة النفسية عند المراهقين

تعتبر فترة المراهقة من الفترات الحسّاسة جدًّا، وذلك لأنّها بداية تطوّر العادات العاطفية والاجتماعية، فضلاً عن تعلّم كيفيّة إدارة العواطف، وتعتمد نتائج هذه المرحلة على عدّة عوامل قد تحسّن أو تقلل من سلامة الصحّة النفسيّة للمُراهق وهي:[١]

  • كميّة الضغوطات التي يتعرض لها المراهق؛ وذلك خلال سّعيه الدّائم للاستقلاليّة، أو المقارنة بالآخر.
  • تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في المراهق، والتي تؤدي إلى المقارنة بين واقع المراهق الحقيقي والآخر الوهمي وتصوّراته حول المستقبل.
  • الطبقة الاقتصادية التي يعيش بها المُراهق.
  • علاقة المُراهِق بأقرانه.
  • التعرّض للعنف والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
  • العنف الجنسي، إذ يعتبر الأطفال والمراهقين من الفئات المعرّضة له بشكلٍ كبير، والذي قد يؤثّر في سلامة صحّتهم النفسية.


أعراض الحاجة إلى دعمٍ نفسي عند المراهقين

من الطّبيعي جدًّا تعرّض الأطفال والمراهقين أحيانًا إلى تغيّراتٍ مزاجية، وانخفاض النشاط وصعوبات النوم، ولا يعتبر ذلك مؤشّرًا على وجود مشاكل نفسية، ولكن في حال استمرّ ذلك لأسابيع متعدّدة فمن المهم التكلّم مع المراهق ومن ثمّ استشارة الطبيب المختص، وتتضمّن أعراض الحاجة إلى دعمٍ نفسي عند المُراهقين الآتي:[٨]

  • الشعور بالضّيق، أو الحزن، أو اليأس وفقدان الدّافع.
  • حدوث مشاكل متعلّقة بالقيام بالأنشطة اليوميّة.
  • حدوث تغيّرات مفاجئة في السلوك من غير أسبابٍ واضحة.
  • اضطرابات في النوم والأكل.
  • تراجع الأداء الدّراسي، أو الرّفض المُفاجئ للذهاب إلى المدرسة أو العمل.
  • تجنّب التواصل مع الأصدقاء والمجتمع الخارجي.
  • الإحساس بوجود آلامٍ جسديّة كالصداع، أو آلام في المعدة والظهر.
  • التحوّل لشخصيّة عدوانيّة ويظهر ذلك من خلال التغيّب عن المدرسة، أو السّرقة، أو المشاجرة والدخول في مشاكل مع الشرطة.
  • الحرص المبالغ به حول الوزن والمظهر الخارجي، ويظهر ذلك من خلال المحاولة الدائمة لفقدان الوزن.


كيف يختلف تقييم الصّحة النفسية بين البالغين والمراهقين؟

يختلف تقييم الأعراض والمشاكل النفسيّة عند الأطفال منه لدى البالغين وذلك لعدّة أمورٍ مهمّة نذكرها هنا:[٩]

  • التطوّر النفسي والجسدي من الأمور المهمّة في سن الطفولة، إذ إنّ المواقف والسّلوكيّات قد تكون طبيعيّة لدى المراهقين وغير مقبولة إذا صدرت من البالغين.
  • غالبًا ما يعيش المراهقون مع والديهم، وذلك يعني ضمن إطار أسرة يؤثّر فيهم وفي سلوكهم سلبًا أو إيجابًا، لذا قد نجد مراهقين مصابين باضطراب نفسيٍّ واحد أو أكثر نتيجة حدوث صراعاتٍ وعنف داخل الأسرة.
  • يعيش الأطفال ضمن ضغوطاتٍ بيئيّة محددة، كانتشار وباء الكورونا أو حدوث الحروب في بلدانهم، لذلك قد يؤثّر اضطراب الحياة الروتينيّة وفراقهم عن عائلتهم، أصدقائهم ومعلميهم في صحّتهم النفسيّة أيضًا.
  • في معظم الأحيان يصعب على الأطفال والمراهقين وصف أعراضهم بدقّة وما يشعرون به، لذلك هنا يأتي دور الطبيب في ملاحظة سلوك الطفل وسؤال الأشخاص القريبين منه عن سلوكيّاته وحالته العامّة.
  • اختبارات النمو الطبيعي وتقييم الحالة العصبيّة النفسية للمراهقين يجب أن تكون جزءًا من مرحلة التقييم، وذلك لأنّ وجود مشاكل في النمو أو السّلوك مثل تأخر النطق، أو صعوبة التواصل الاجتماعي مع الآخرين أو ضعف التقدّم الأكاديمي قد لا تكون نتيجةً لاضطرابٍ نفسي فقط بل لمشاكل غيرها موجودة لدى الطفل أو المراهق.


المراجع

  1. ^ أ ب "Adolescent mental health", WHO, 23/6/2021. Edited.
  2. "Data and Statistics on Children's Mental Health", CDC, 24/6/2021. Edited.
  3. "Attention deficit hyperactivity disorder (ADHD)", NHS, 24/6/2021. Edited.
  4. "Your Adolescent - Anxiety and Avoidant Disorders", aacap, 24/6/2021. Edited.
  5. "Anxiety in Teens is Rising: What's Going On?", HealthyChildren, 24/6/2021. Edited.
  6. "Parent’s Guide to Teen Depression", HelpGuide, 24/6/2021. Edited.
  7. "Mental Health Disorders in Adolescents", ACOG, 24/6/2021. Edited.
  8. "Mental health in pre-teens and teenagers", raisingchildren, 24/6/2021. Edited.
  9. "Overview of Mental Disorders in Children and Adolescents", MSDM, 24/6/2021. Edited.