قلق الانفصال

اضطراب القلق من الانفصال (بالإنجليزيَّة: SAD - Separation anxiety disorder)، هو حالة يصبح فيها الطفل خائفًا وعصبيًا عندما يكون بعيدًا عن المنزل أو ينفصل عن أحد أفراد الأسرة، وعادةً يخشى الطفل الانفصال عن أحد الوالدين أو مسؤول الرعاية المرتبط به،[١] ويُعدّ قلق الانفصال أمرًا طبيعيًا عند الأطفال الصِّغار جدًا، وخاصةً أثناء مرحلة نُمو الطِّفل بين سِنِّ 8 - 14 شهرًا،[٢] ومن جهةٍ أُخرى، يشعر جميع الأطفال والمراهقين ببعض القلق، لذلك يعدّ هذا القلق طبيعيًا خلال عملية النمو، إذ يلاحظ تشبُّث جميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 شهرًا - 3 سنوات تقريبًا بمن يخشَون الانفصال عنه.[٣]




قلق الانفصال طبيعي، لكنَّه يُصبح تحت مُسمَّى اضطراب إذا كان شَديدًا أو في الفئة العُمريّة الأَكبر.




ما سبب قَلق الانفصال؟

يحدُث قلق الانفصال كعَلامة على أنّ الطفل الآن يُدرك مدى اعتِماده على الأشخاص الذين يعتَنون به، إذ يمكن أن يشمل ذلك أجداده أو المسؤولين بشكل وثيق عن رعايته، وكذلك والديه، ومع زيادة وعي الطّفل بما يحيط به، فإن علاقة الطفل القوية بهذه المجموعة الصغيرة تعني أنه لا يشعر بالأمان بعيدًا عن والديه، كما أن وعيه المُتزايد بالعالم من حوله يمكن أن يجعله يشعر بعدم الأمان أو الانزعاج في المواقف الجديدة أو مع أشخاص جدد، حتى لو كان بوجود الوالدين.[٤]


كم يَستغرق قلق الانفصال من الوقت؟

عادًة ينتهي قلق الانفصال عندما يبلغ الطفل من العُمر حوالي العامين، ففي هذا العمر، يُدرك الأطفال الصِّغار أن الآباء قد يكونون بعيدًا عن الأنظار الآن، لكنَّهم سيعودون لاحقًا، ومن الطبيعي أيضًا أن يختبروا استقلاليتهم،[٥] وفي بعض الحالات تؤثر مزاجية الطفل في مدة قلق الانفصال، إذ يمكن أن يستمر قلق الانفصال من الطّفولة المُبكّرة، وحتى سنوات الدِّراسة الابتدائية، وأحيانًا من الممكن أن يكون قلق الانفصال علامة على اضطراب القلق العميق إذا أثَّر على الأنشطة العادية للطفل الأكبر سنًا.[٦]


ما هي علامات قلق الانفصال؟

من العلامات الأساسية التي تدُل على الإصابة بقلق الانفصال هي خشية الأطفال من مُغادرة أحد الوالدين دون عودة، ويزداد الخوف سوءًا عند وجود شخص غريب، وتتضمَّن العلامات الأساسية التي تظهر على الأطفال الذين يعانون من هذه المرحلة الطبيعية من التطور ما يلي:[٧]

  • البُكاء عند مغادرة الوالدين للغرفة.
  • التشبُّث أو البكاء.
  • الاستيقاظ والبكاء ليلاً بعد النوم.
  • رفض النوم بدون وجود أحد الوالدين بالقرب منه.


بالنسبة للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن عامين أو البالغين ولا يستجيبون لإعادة التَّوجيه، فمن الأعراض الحادة التي تدل على إصابتهم باضطراب قلق الانفصال ما يلي:[٢]

  • مخاوف أو قلق مفرط من حدوث شيء للوالد أو الطفل أثناء انفصالهما.
  • الرفض القاطع للمُشاركة في أنشطة منفصلة لوحدهم، والبكاء الذي لا يطاق طوال فترة الانفصال.
  • الصُّداع.


ومن الأعراض الأخرى التي قد تظهر عند الانفعال كذلك:[٨]

  • الغَثَيان أو القيء.
  • سُرعة التَّنفس أو صعوبة في التنفس.
  • آلام في العضلات، خاصَّة في المَعدة.
  • إعياء.


تشخيص قلق الانفصال

في الواقع لا توجد فحوصات طبيَّة خاصّة بتشخيص قلق الانفصال؛ وذلك لأنها حالة طبيعية، وفي حال استمر قلق الانفصال الشديد بعد سن الثانية، فقد تساعد زيارة الطبيب المُختص على تحديد ما إذا كان الطفل يعاني من اضطراب القلق أو حالة أخرى، وفي حال استبعاد أي حالة طبية، قد يُحيل الطبيب الطفل المصاب إلى طبيب نفسي مختص للأطفال أو طبيب نفسي لديه خبرة في اضطرابات القلق، وللمساعدة على تشخيص اضطراب قلق الانفصال، من المرجح أن يقوم اختصاصي الصحة العقلية بإعطاء الطفل تقييمًا نفسيًا، من خِلال إجراء مقابلة منظمة تتضمن مناقشة بعض الأفكار والمشاعر، بالإضافة لمراقبة السلوك.[٩]


التأقلم مع قلق الانفصال

يختلف قلق الانفصال بشكل كبير بين الأطفال، إذ يُصاب بعض الأطفال بحالة هستيرية عندما تكون الأم بعيدة عن الأنظار لفترة قصيرة جدًا، بينما يُظهر أطفال آخرين قلقًا مستمرًا عند الانفصال أثناء فترة الرِّضاعة ومرحلة ما قبل المَدرسة، لذلك يُنصح بالخطوات التالية للتغلب على قلق الانفصال:[١٠]

  • القِيام بطقوس وداع سريعة، مثل إعطاء 3 قُبلات قبل المُغادرة، أو القيام بلعبة خاصة أثناء المُغادرة.
  • القيام بنفس الطقوس في نفس الوقت كل يوم قبل الانفصال عن الطفل، وذلك لتجنب العوامل غير المتوقعة، إذ يمكن أن يقلل الروتين من الانزعاج ويسمح للطفل ببناء الثقة، كما يساعده على الشّعور باستقلاليته.
  • منح الطفل الاهتمام الكامل، وإظهار المحبة والمودة، ثم الوداع والمغادرة بسرعة على الرغم من تصرفات الطفل الغريبة أو صراخه.
  • المحافظة على الوعود وتنفيذها، إذ سيساعد ذلك على بناء الثقة والاستقلالية، وبالتالي سيصبح الطفل واثقًا من قدرته على البقاء بدون والديه عندما يلتزمان بوعدهما بالعودة.
  • مُناقشة موضوع العودة مع الطّفل، فمن الجيّد تقديم التفاصيل التي يفهمها الطفل، على سبيل المثال، يُمكن القول "سأعود بعد وقت قيلولتك، وقبل أن تتناول وجبة خفيفة بعد الظهر".
  • امنح طفلك فرصة للاستعداد والتجربة والازدهار في غيابك.
  • يفضل ألا يغادر الوالدان عندما يكون الطفل متعبًا أو جائعًا أو قلقًا.[٦]
  • الحِفاظ على الهُدوء، وطمأنة الطّفل عند شُعوره بالقلق عند مُغادرة إحدى والديه.[٦]




مُهِم: إذا كنت تهتم بطفل شخص آخر يعاني من قلق الانفصال، فحاول تشتيت انتباهه بنشاط أو لعبة، أو أي شيء آخر ممتع، وأحيانًا قد تضطر إلى الاستمرار في المحاولة حتى ينجح شيء ما مع الطفل، كما حاول عدم ذكر والدته أو والده أمامه، ولكن أجب عن أسئلة الطفل بطريقة بسيطة ومباشرة.





أسئلة شائعة


هل جميع الأطفال معرّضون لخطر الإصابة باضطراب قلق الانفصال؟

تشمل الأسباب وعوامل الخطر المحتملة لاضطراب القلق الاجتماعي ما يلي:[١]

  • حادِث مُرهق أو صادم كَبير في حياة الطِّفل، مثل وفاة أحد أفراد أسرته أو حيوانه الأليف، أو حدوث تغيير في البيئة المحيطة به.
  • الحِماية المُبالَغ بها من قِبَل الأهل.
  • العامِل الوِراثيّ، إذ غالبًا ما يكون لدى الأطفال المصابين بقلق الانفصال أفراد من العائلة يعانون من القلق أو اضطرابات عقلية أخرى.
  • معاناة الطفل من اضطرابات قلق أخرى، مثل نوبات الهلع، واضطراب القلق الاجتماعي، أو اضطراب الوسواس القهري أو الاكتئاب.


هل يمكن أن يُصاب البالغون بقلق الانفصال؟

نعم، من الممكن إصابة البالغين بقلق الانفصال، وذلك لأن قلق الانفصال هو عندما يخاف شخص ما من الانفصال عن شخص معين، أو عدّة أشخاص، أو حتى حيوان أليف، وفي العادة يربط العديد من الأشخاص قلق الانفصال بالأطفال فقط، ولكن يمكن للبالغين تجربة هذه الحالة أيضًا، إذ يمكن أن ينبع قلق الانفصال لدى الكبار من الوالد أو الشريك أو الطفل الذي يبتعد، وقد يكون قلقهم مرتبطًا أيضًا بحالة صحية عقلية أخرى، مثل الأوهام أو الخوف، وفي بعض الأحيان، قد يُوصف الشخص البالغ المصاب باضطراب قلق الانفصال على أنَّه مُسيطر أو مُفرِط في الحماية، ولكن غالبًا ما تكون أفعالهم عبارة عن طريقة الكِبَار للتَّعبير عن مخاوفهم فيما يتعلق بالانفصال.[١١]


كيف يمكن أن أفرّق بين قلق الانفصال الطبيعي وغير الطبيعي؟

عند ذهاب الطفل إلى رياض الأطفال لأول مرة، فمن المحتمل أن يُظهر بعض القلق وعدم الراحة عند الاستيقاظ والاستعداد للمدرسة، وقد يبكي عند العودة إلى المنزل ويطلب البقاء في المنزل وعدم العودة إلى المدرسة، فإذا كانت فترة القلق هذه طفيفة، بمعنى أنها دامت لفترة قصيرة وأنه شعر بالارتياح والطمأنينة بعد التحدث اليه، أو أنها استمرت لبضعة أيام فقط، وعاد إلى مزاجه وأنشطته الطبيعية، فمن المحتمل أن يكون هذا هو قلق الانفصال الطبيعي، ولكن، إذا استمر انزعاج وقلق الطفل بشكل كبير، ولا يستطيع التركيز، ولا يهدأ، عندها من الممكن أن يكون هذا اضطراب قلق الانفصال.[٨]


هل هناك علاج لاضطراب قلق الانفصال؟

نعم، وتتضمن الأدوية وأساليب العلاج المستخدمة في علاج اضطراب قلق الانفصال ما يلي:[١٢]

  •  العلاج السلوكي المعرفي (بالإنجليزيَّة: Cognitive behavioral Therapy)، ويُعرف أيضًا باسم العلاج بالكلام.
  • المساعدة المشتركة والتعاون بين المدرسة والأهل.
  • الأدوية التي قد تتضمّن مضادات الاكتئاب أو الأدوية المضادة للقلق.

المراجع

  1. ^ أ ب "Separation Anxiety Disorder", .webmd., Retrieved 12/7/2021. Edited.
  2. ^ أ ب Carly Snyder, MD (20/9/2020), "What Is Separation Anxiety?", .verywellmind., Retrieved 12/7/2021. Edited.
  3. "Separation Anxiety Disorder in Children", stanfordchildrens, Retrieved 12/7/2021. Edited.
  4. "Why separation anxiety happens", nhs., 31/8/2018, Retrieved 12/7/2021. Edited.
  5. "Separation anxiety in children", medlineplus., 2/7/2021, Retrieved 12/7/2021. Edited.
  6. ^ أ ب ت Jennifer Shroff Pendley, PhD (1/10/2016), "How Long Does It Last?", kidshealth., Retrieved 12/7/2021. Edited.
  7. "What are the signs of separation anxiety?", stanfordchildrens., Retrieved 12/7/2021. Edited.
  8. ^ أ ب "What are the symptoms of separation anxiety disorder?", Childrenshospital., Retrieved 12/7/2021. Edited.
  9. By Mayo Clinic Staff, "diagnosis-treatment", mayoclinic, Retrieved 12/7/2021. Edited.
  10. Wendy Sue Swanson, MD, MBE, FAAP (21/11/2015), "How to Survive Separation Anxiety", .healthychildren., Retrieved 12/7/2021. Edited.
  11. Timothy J. Legg, Ph.D., CRNP (8/6/2018), "What is separation anxiety disorder in adults?", .medicalnewstoday., Retrieved 12/7/2021. Edited.
  12. "Separation Anxiety Disorder Treatment", .webmd., Retrieved 12/7/2021. Edited.