يُعرف الوسواس القهري (بالإنجليزية: Obsessive compulsive disorder) أو (OCD) بأنه إحدى الإضرابات النفسية الشائعة التي تسبب حالة متكررة من الهواجس والأفعال التي لا يمكن السيطرة عليها، وقد تكون على شكل أفكار، أو صور، أو دوافع غير مرغوب بها تثير التوتر والمشاعر المؤلمة لدى الشخص، لذلك، ينخرط الشخص المصاب بسلوكيات تهدف إلى التخلص من هذا الوسواس، وهذه السلوكيات تستهلك الكثير من وقته نظراً لأنه يضطر لفعلها مراراً وتكراراً، وبالتالي تؤثر بشكلٍ سلبي في طبيعة حياته وأنشطته اليومية، وسيدور الحديث في هذا المقال حول علاج الوسواس القهري.[١]

علاج الوسواس القهري

تتضمن الخطة العلاجية الفعالة للوسواس القهري استخدام العلاج الدوائي أو النفسي، أو كلاهما معاً، وعلى الرغم من فعالية العلاج واستجابة معظم المرضى، إلا أن البعض قد تستمر لديهم الأعراض، خاصةً في حال وجود اضرابات نفسية أخرى؛ مثل الاكتئاب والقلق، بما يستلزم أخذ هذه الاضطرابات بعين الاعتبار عند اختيار العلاج،[٢] وبعد تلقي العلاج المناسب، يحدث تحسن في نوعية الحياة للمرضى وزيادة في إنتاجيتهم خلال العمل أو الدراسة، وكذلك تتحسن علاقاتهم الاجتماعية واستمتاعهم بالأنشطة اليومية، وفيما يلي سيتم شرح علاج الوسواس القهري بالتفصيل.[٣]


العلاج النفسي

يعتبر العلاج النفسي (بالإنجليزية: Psychotherapy) أحد العلاجات الفعّالة والمصرح بها علمياً كعلاج لاضطراب الوسواس القهري، والذي أُثبتت فعاليته في تخفيف شدة الأعراض وتكرار حدوثها عند إتمام العلاج كاملاً،[٤] ويمثل العلاج النفسي علاجًا بالكلام لتغيير نمط التفكير؛[٥] بما يساهم في مواجهة الأفكار والمخاوف القهرية دون الحاجة إلى تصحيحها بالسلوكيات الخارجة عن السيطرة، ويضم العلاج النفسي للوسواس القهري العلاج السلوكي المعرفي (بالإنجليزية: Cognitive behavioral therapy) أو (CBT)،[٦] الذي يضم بدوره علاجاً سلوكي يدعى التعرض ومنع الاستجابة (بالإنجليزية: Exposure and response prevention) أو (ERP).[٤]


كيف يتم العلاج السلوكي؟

يتم تعريض المريض خلال جلسات العلاج السلوكي إلى مواقف أو صور تركز على هواجسه المخيفة، وبالتالي تزيد من توتره في البداية، ثم يُطلب منه تجنب أداء سلوكياته القهرية أو الوسواسية المعتادة من خلال استمرار الموقف دون حدوث أي شيء مخيف بالنسبة له، وبالتالي يتعلم المريض أن هذه الأمور القهرية هي مجرد أفكار لا غير ولا تمت للواقع بصلة، وبذلك يدرك أن السلوكيات القهرية التي كان بحاجة إلى ممارستها للتغلب على قلقه قد أصبحت غير ضرورية، ويقل توتره مع مرور الوقت،[٣] وعادةً ما يتم تطوير خطة علاجية تتضمن انتقالاً تدريجيًا في مرحلة التعرض من المواقف المسببة للقلق بنسبةٍ أقل إلى تلك المُسببة للقلق بصورةٍ أكبر، ويتشارك فيها المعالجون والمرضى نفسهم.[٣]


العلاج الدوائي

قد يصِف الطبيب بعض الأدوية التي تساعد على إعادة توازن المواد الكيميائية في الدماغ، ومن أهمها الأدوية المضادة للاكتئاب والتي تُسمى مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRI)،[٦] والتي تساهم في السيطرة على أعراض المرض، بحيث تقلل من الهواجس والأفعال القهرية، ويجب إخبار المريض أن الشعور بالتحسن يحتاج من شهرين إلى أربعة أشهر من بدء العلاج، نظراً لأن هذه الأدوية تحتاج وقتاً لبدء ملاحظة مفعوله، ومن الأمثلة على هذه الأدوية والتي تستخدم بشكل شائع:[٥]

  • إسيتالوبرام أو ليكسابرو (بالإنجليزية: Escitalopram).[٧]
  • فلوفوكسامين أو لوفوكس (بالإنجليزية: Fluvoxamine).[٧]
  • باروكسيتين أو باكسيل (بالإنجليزية: Paroxetine).[٧]
  • فلوكسيتين أو بروزاك (بالإنجليزية: Fluoxetine).[٧]
  • سيرترالين أو زولوفت (بالإنجليزية: Sertraline).[٧]


في حال عدم الاستجابة لهذه الأدوية وحدها، فإنه يتم استخدام أدوية مضادات الذهان؛ مثل ريسبيريدون أو ريسبردال (بالإنجليزية: Risperidone)، أو أريبيبرازول أو ابيليفاي (بالإنجليزية: Aripiprazole).[٥]


علاجات أخرى

هناك خيارات أخرى يمكن استخدامها في حالة المقاومة للعلاج وعدم قدرة العلاجات النفسية والدوائية وحدها على السيطرة على أعراض الوسواس القهري، ومن هذه الخيارات:[٨]

  • برامج العيادات الخارجية المكثفة: وهي برامج علاجية شاملة تستمر عادةً لمدة أسابيع، وتعتمد على مبادئ العلاج السلوكي (EPR)، تفيد الأشخاص الذين يعانون من أعراض شديدة تمنعهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
  • التحفيز العميق للدماغ: بحيث يتم زرع أقطاب كهربائية في مناطق معينة من الدماغ لإنتاج نبضات كهربائية قد تساعد في تنظيم النبضات غير الطبيعية، وهذه التقنية موافق عليها من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لعلاج الوسواس القهري لدى البالغين من العمر 18 سنة فما فوق ممن لم يستجيبوا للعلاج التقليدي.
  • التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة: وهو إجراء غير جراحي يستخدم المجالات المغناطيسية لتحفيز الخلايا العصبية في الدماغ بهدف تحسين أعراض الوسواس القهري، وتتم هذه العملية باستخدام أجهزة معينة حصلت على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لعلاج الوسواس القهري لدى البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 22 و68 عامًا، عندما تكون العلاجات التقليدية غير فعّالة.


كيفية مساعدة شخص مصاب بالوسواس القهري

عندما يعاني الشخص من الوسواس القهري، فإن تعامل الأشخاص المحيطين فيه ذو تأثير كبير في عملية تعافيه، حيث يمكن للتعليقات السلبية والانتقادات أن تجعل أعراضه أكثر سوءاً، بينما البيئة الداعمة يمكن أن تساعد في العلاج، لذلك، وهناك مجموعة من الإرشادات التي يمكن اتباعها عند التعامل مع شخص مصاب بالوسواس القهري لمساعدته، والتي قد تتضمن ما يأتي:[٩]

  • عدم توجيه انتقادات شخصية بسبب سلوكيات الشخص المصاب بالوسواس القهري، فهي ليست عيوباً في شخصيته، وإنما أعراضاً لمرضه.[٩]
  • عدم لوم الشخص المصاب بالوسواس القهري، ونهيه عن فعل السلوكيات القهرية التي يُمارسها، وإلا ستتفاقم شدة الأعراض نتيجة الضغط النفسي الذي سيبذله كمحاولة لإيقافها.[٩]
  • التحلي بالصبر والتعامل بلطف مع الشخص المصاب، مع التركيز على العناصر الإيجابية في حياته ومدحه عند قيامه بأي محاولة ناجحة لمقاومة أعراض الوسواس.[٩]
  • المساهمة في دعم المصاب دون دعم سلوكياته القهرية؛ حتى لا يساهم ذلك في تعزيزها.[٩]
  • الحفاظ على التواصل الإيجابي والواضح مع الشخص المصاب بالوسواس القهري بما يمكن من دعمه والوقوف في وجه السلوكيات التي يمارسها.[٩]
  • مساعدة المصاب على الضحك، وأخذ ممارسات الوسواس لديه من الجانب الفكاهي دون تقليل احترامه،.[٩]
  • التركيز على الحياة الأسرية وجعلها طبيعية قدر الإمكان دون إتاحة المجال لأن يكون للوسواس القهري تأثير فيها، فالجلوس كعائلة واتخاذ القرار الجماعي في التعامل مع الأعراض التي يعاني منها أحد أفراد الأسرة يجعل من المنزل مكاناً هادئاً وصحياً وخالياً من التوتر.[٩]


المراجع

  1. "What is OCD?", International OCD foundation. Edited.
  2. "Obsessive-Compulsive Disorder", National institute of mental health. Edited.
  3. ^ أ ب ت "What Is Obsessive-Compulsive Disorder?", American psychiatric association. Edited.
  4. ^ أ ب "Treatments for Obsessive-Compulsive Disorder", verywell mind. Edited.
  5. ^ أ ب ت "Obsessive-Compulsive Disorder (OCD)", Webmd. Edited.
  6. ^ أ ب "Overview - Obsessive compulsive disorder (OCD)", NHS. Edited.
  7. ^ أ ب ت ث ج "What is obsessive-compulsive disorder?", Medical News Today. Edited.
  8. "Obsessive-compulsive disorder (OCD)", mayoclinic, Retrieved 24/6/2021. Edited.
  9. ^ أ ب ت ث ج ح خ د "Obsessive-Compulsive Disorder (OCD)", Helpguide. Edited.