تعرّف على الشخصية الانطوائية في علم النفس

قد يخطر على ذهن الكثير أنّ الشخص الانطوائي هو شخص خجول أو هادئ، ويفضل أن يكون بمفرده، وفي حين أن هذا قد يكون صحيحًا بالنسبة لبعض الانطوائيين، إلا أن هناك الكثير من السمات التي تُميز هذا النوع من الشخصيات، وسنتطرق في هذا المقال عن أهم ما يميز الشخص الانطوائي وكيفية التعامل معه.^[١]

تعريف الانطوائية؟

تعتبر الانطوائية (بالإنجليزية: Introvert)، واحدة من السمات الرئيسية لأحد أنواع الشخصيات المُصنفة في العديد من النظريات المختصة بتفسير الشخصية، حيث يكون الأشخاص الانطوائيون أقرب لعالمهم الداخلي الخاص بهم، ويتركز تفكيرهم على مشاعرهم وحالتهم المزاجية من الداخل فقط دون البحث عن التحفيز من الخارج.^[٢]

أنواع الانطوائيين

وفقًا لإحدى الدراسات، فإن الأشخاص الانطوائيين يكونون ضمن واحدة من أربعة أنواع، وهم:^[١]

• الانطوائيون اجتماعيًا: (بالإنجليزية: Social introverts)، يُعد هذا النوع هو النوع السائد للانطوائية، والذي يتمثّل بالانطوائيين الذين يفضلون البقاء ضمن مجموعات صغيرة، وفي أماكن هادئة.
• انطوائيو التفكير: (بالإنجليزية: Thinking introverts)، وهم الأشخاص الذين يعيشون في أحلام اليقظة، ويكون معظم تفكيرهم وأوقاتهم منصباً على التخيلات الإبداعية.
• الانطوائيون القلقون: (بالإنجليزية: Anxious introverts)، وهم الانطوائيون الذين يفضّلون البقاء بمفردهم، وغالبًا ما يكون ذلك لشعورهم بالخجل أو الحَرَج عند البقاء مع الأشخاص الآخرين.
• الانطوائيون المقيّدون: (بالإنجليزية: Restrained introverts)، وهذا النوع من الانطوائيين يحتاجون لوقتٍ إضافي قبل أن يتخذوا أي قرار أو إجراء، أو قبل القيام بأي تصرف، كما لا يمكنهم أن يتخذوا قرارًا عاديًا لمجرد نزوة.

مزايا الشخص الانطوائي

توجد عدة سمات ومزايا يمكن من خلالها تمييز الشخص الانطوائي عن غيره من الشخصيات، ومنها:^[٣][٤]

• امتلاك الاكتفاء الذاتي: فالشخص الانطوائي لا يحب الاعتماد على الأشخاص الآخرين حتى وإن كان ذلك من الناحية المادية، وهذا الاكتفاء الذاتي يمنحهم الشعور بالقوة.
• القدرة على الإصغاء الجيد: حيثُ يفضّل الشخص الانطوائي الاستماع للآخرين أكثر من شعورهم بالحاجة إلى الحديث مع الآخرين، كما أن أدمغتهم تقوم بتدوين الملاحظات الذهنية خلال الكلام مع الآخرين، وذلك لاستعمالها قبل أن يخوضوا أي موقف اجتماعي.
• شدة القدرة على التركيز: فالأشخاص الانطوائيون ينتبهون على الإشارات غير اللفظية التي يكمن خلفها العديد من المعاني الخفية.
• سهل الإرضاء: فالأشخاص الانطوائيون يسهل الحصول على إرضائهم مقارنةً بغيرهم من الشخصيات الأخرى.

الفرق بين الخجل والانطوائية

قد يختلط على العديد من الأشخاص التفريق ما بين الخجل والانطوائية، ولكن في الحقيقة إنَّ الانطوائية والخجل مختلفان بشكلٍ تام، فالخجل يتمثل بالشعور بالتوتر المبالغ به عند التعرَّض للمواقف الاجتماعية، بينما بالنسبة للشخص الانطوائي قد لا تشعره مخالطة الناس بالتوتر بل بالإرهاق، وقد يستمتعون أحيانًا عند تواصلهم مع الآخرين عندما يجدون أن ذلك ذا فائدة لهم، ولكن الانطوائيين غالبًا ما قد يميلون لإنهاء هذا التواصل كما قد يتجنبون البقاء فيه لوقتٍ إضافي، وذلك لأنهم سيشعرون بمزيد من التعب جرّاء ممارسة هذا التواصل.^[٥]

ولمعرفة المزيد عن الشخصية الخجولة في علم النفس، انقر هنا.

نصائح للأشخاص الانطوائيين

تتضمن أهم النصائح التي على الأشخاص الانطوائيين العمل بها ما يلي:^[٦]

• كتابة الذكريات بشكلٍ يومي على دفتر المذكرات، والذي سينعكس إيجابًا على تعامل الشخص مع مشاعره.
• التأمل، فالتأمل يساعد على التعامل بشكلٍ أسهل مع التوتر.
• الابتعاد عن الأفكار السلبية، حيث من الممكن أن تتسبب الأفكار السلبية بزيادة الشعور بالتوتر.
• الحرص على البقاء في مزاجٍ جيد دائمًا، والحرص على تحسين ما يجعل المزاج جيدًا.
• إبقاء حدود خاصة واحترامها، وعدم التأثر بالأصدقاء المنفتحين ومحاولة مواكبتهم، والذي يؤدي أحيانًا إلى كسر مبادئ الشخص وحدوده السابقة.
• الحرص على الحصول على مساحة خاصة بحيث يلجؤون إليها عند الحاجة لتجديد طاقتهم ونشاطهم.
• تنمية التفاؤل.
• التعبير عن الامتنان للأشخاص الذين ينبغي شكرهم، وممن يهتمون بشؤونهم أو حتى الأشخاص الذين يلتقون بهم بشكلٍ عابرٍ.

طرق للتعامل مع شخص انطوائي

فيما يأتي مجموعة من طرق وأساليب التعامل مع الشخص الانطوائي:^[٧]

• سؤاله عن احتياجاته، إذ يعتبر ذلك من أفضل الأساليب لمعرفة الشخص الانطوائي أكثر والتعرف إليه، والذي يساعده على الشعور بالارتياح بشكلٍ أكبر.
• منحه مساحته الخاصة ووقته الخاص بمفرده، فالشخص الانطوائي يحتاج لقضاء بعض الوقت مع نفسه.
• تفهّم حدود الشخص الانطوائي واحتياجاته، وعدم الضغط عليه لفعل أيّ نشاط كالذهاب إلى مكان لا يريده أو القيام بشيء لا يرغب بالقيام به، مع الحرص على احترام تلك الرغبة فيه.
• محاولة البحث عن طرق مختلفة للتواصل، فقد لا يرغب الشخص الانطوائي بالتواصل أو التحدث وجهًا لوجه، فقد يفضّلون التواصل عبر الإنترنت أو الرسائل النصية.
• الحرص على الإصغاء إليه، حيثُ يعد ذلك مهمًا، فهو يفسح المجال للشخص الانطوائي ليعبر عن أفكاره ومشاعره وآرائه عند تحدثه بها، بالإضافة إلى الحرص على استيعاب ما يقول، حتى وإن كان الشخص الانطوائي يميل بشكلٍ أكبر للاستمتاع مقارنةً برغبته بالحديث.
• الصدق عند التعامل معه، إذ سينعكس ذلك إيجابًا على شعوره بالراحة عند التحدث بما يشعر به.
• التعامل معه بلطف وود، لما في ذلك من انعكاس على تمكين العلاقة والشعور بالراحة وبقائه على طبيعته.
• تقبّل الشخص الانطوائي، وتجنب السرعة في إصدار الأحكام على شخصيته، فهو قادر على المزاح، وكما أنه قادر على تقديم العروض في المدرسة وغيرها، فالانطواء لا يعني الخجل ولا الرهاب الاجتماعي، لذلك ينبغي الحرص على الجلوس والتعلم منه.

الشخصية المنفتحة والانطوائية

في الحقيقة وحتى الآن لم يعرف العلماء بشكلٍ مطلق الأسباب الكامنة وراء شخصية الفرد الانطوائية أو حتى المنفتحة،^[١] ولكن يُعتقد أنّ العوامل البيئية والاجتماعية تلعب دورًا في إحداث فروقات بين الشخص الانطوائي أو المنفتح، حيثُ أظهرت بعض الدراسات أنّ الأطفال الذين يملكون علاقات صحيّة مع أمهاتهم في طفولتهم يمتلكون فرصة أكبر لأن يصبحوا منفتحين مقارنةً بغيرهم الذين يفتقدون لهذه العلاقة مع أمهاتهم، كما أشارت دراسة أخرى إلى أنّ سبب الانطوائية قد يعود لتعرض الأطفال لبعض أنواع العقاب من قِبل آبائهم من أجل تأديبهم بما يجعلهم أشخاصًا انطوائيين في مراحل لاحقة من حياتهم.^[٨]

كما أشارت العديد من الدراسات العلمية التي أجريت في فترة الستينات إلى أنّ أدمغة الأشخاص المنفتحين تختلف عن أدمغة الأشخاص الانطوائيين وظيفيّاً، ويتمثل ذلك بأن الأشخاص المنفتحين يكون تدفق الدم لديهم أكبر في المناطق الخاصة بمعالجة البيانات الحسية في الدماغ، في حين وجِد أنّ الأشخاص الانطوائيين يزداد تدفق الدم لديهم في مناطق الدماغ ذات العلاقة بالذاكرة والتخطيط وحل المشكلات، كما يمتلك الأشخاص الانطوائيون نشاطًا عصبيًا أكبر في مناطق الدماغ المرتبطة بالتعلم، والتحكم في الحركة، واليقظة.^[٨]