لماذا يدمن الإنسان على المخدرات؟

يعد إدمان المخدرات من أكثر الحالات تعقيدًا، والتي يصعب السيطرة عليها، حيث يؤثر إدمان المخدرات في سلوكيات الفرد، وأنماط تفكيره، وقدرته على أداء الأعمال اليومية بكفاءة وفعالية، فالمخدرات تحتوي على العديد من المواد التي تؤثر في بنية ووظائف الدماغ، كما تتسبب بزيادة الرغبة في الحصول عليها على الرغم من الأضرار التي تسببها، ما يعني الزيادة المستمرة للأضرار الناجمة عنها.^[١]

أسباب الإدمان على المخدرات

يدمن الأفراد على المخدرات عادةً بسبب الرغبة في تكرار خوض التجارب التي تشعرهم بالمتعة أو النشوة، حيث تمنح المخدرات الفرد شعوراً شديداً بالمتعة بسبب رفعها لمستوى لمادة كيميائية تسمى الدوبامين في الدماغ بنسبة كبيرة، لذلك يجد الشخص نفسه مندفعاً للحصول عليها رغبةً في الاستمرار على الحصول على حالة النشوة هذه،

وتزداد حاجة الدماغ لتكرار تعاطي هذه المواد للحصول على هذه النسب المرتفعة من الدوبامين، حيث تنخفض نسبة التأثير المعتاد الذي يحصل عليه الفرد من النشوة مع استمراره في تعطي المخدرات نتيجةً لاعتياد الدماغ عليها، ما يدفعه إلى زيادة الكمية التي يتعاطاها للحصول على نفس الدرجة التي اعتادها من المتعة والنشوة، وهي المرحلة التي يتحول فيها الاستخدام المزمن إلى الإدمان،^[٢][٣] ما يعني عدم استمتاع الفرد بأنشطته الممتعة السابقة، مثل تناول الطعام وقضاء الوقت مع العائلة، ويتسبب تعاطي هذه المواد على صعيدٍ آخر ببعض التغيير في أنظمة عمل المواد الكيميائية الأخرى في الدماغ على المدى البعيد، ما يؤثر في العديد من وظائفه، مثل: وظائف الذاكرة، وعمليات التعلم، والقدرة على اتخاذ القرارات وغيرها.^[٤][٢]

هل كل من يتعاطى المخدرات مدمنًا؟

يعتمد تحديد ما إذا كان الشخص مدمنًا أم لا على العديد من العوامل الوراثية والبيئية وغيرها، فالأفراد يختلفون في طبيعة تكوين الجسم والدماغ وأداء وظائفهما، ما يعني اختلاف طبيعة تعامل الجسد والدماغ مع المواد المخدرة، وتفاوت تأثيرها من شخص إلى آخر، لذلك لا يمكن اعتبار كل من يتعاطى المخدرات مدمناً، فقد يقع بعض الأشخاص في إدمان المخدرات بسرعة نسبيًّا، في حين قد يقع بعضهم في الإدمان بعد مرور مدّة من الزمن على بدء التعاطي، بينما لا يقع بعض الأشخاص في الإدمان على الإطلاق.^[٥]

لمعرفة المزيد عن كيفية معرفة مدمن المخدرات، انقر هنا.

الفئات المعرضة لخطر الإدمان

تتسبب العديد من عوامل الخطورة في زيادة خطر تعرض بعض الفئات من الناس للإدمان مقارنةً بغيرهم، وفيما يأتي سنذكر أبرز هذه العوامل:^[٥][٢]

• مصاحبة الأشخاص المدمنين على المخدرات: حيث من الممكن أن يتسبب ذلك في الانصياع لتشجيعهم للشخص على خوض التجربة الأولى.
• العيش في علاقة مضطربة: مثل العيش في مكان بعيد عن العائلة والأقارب، أو مواجهة صعوبة في تكوين الصداقات والعلاقات العامة سواءً في مكان الدراسة أو العمل.
• الطبيعة البيولوجية للجسم: حيث تختلف طريقة تفاعل الجسم مع هذه المواد من إنسان لآخر؛ فقد يرغب بعض الأفراد بتعاطي المزيد من المادة المخدرة فور تجربتها رغبةً في تكرار شعور النشوة الذي تمنحه بعد تعاطيها للمرة الأولى، في حين يمكن أن لا يرغب غيرهم بتكرار التجربة مرة أخرى.
• المشكلات المجتمعية المختلفة: ويتضمن ذلك أي مشكلات منتشرة في البيئات التي يتواجد فيها الفرد، سواءً في المنزل، أو المدرسة، أو مكان العمل، حيث يلجأ الفرد إلى تعاطي المخدرات لمحاولة الهروب أو إشغال عقله عن التفكير في هذه المشكلات.
• الاستخدام المبكّر للمخدرات: فقد يتسبب تعاطي المخدرات في عمر مبكر بجعل الفرد أكثر عرضة للإدمان عليها عندما يكبر، حيث يتأثر الدماغ بشكلٍ كبير عند بدء التعاطي مبكرًا، وذلك نظرًا لأنه يكون في مرحلة النمو والتطور في المراحل العمرية المبكرة.
• الاضطرابات العقلية أو النفسية: تزيد الاضطرابات العقلية أو النفسية من احتمال تعرض الفرد للإدمان على المخدرات، حيث يلجأ الفرد إلى تعاطي المخدرات كوسيلة للشعور بشكل أفضل؛ خاصّةً في حالات الاكتئاب، أو القلق المزمن، أو تشتت وصعوبة التركيز والانتباه، أو المعاناة من اضطرابات نفسية نتيجة التعرض لصدمة نفسية.

لمعرفة عدد مدمني المخدرات حول العالم، انقر هنا.

هل الإدمان وراثي؟

تؤثر العوامل الوراثية والبيئية في قابلية الفرد الإدمان على المخدرات، حيث صرّحت الجمعية الأمريكية لعلم النفس بإمكانية ارتباط بعض العوامل الوراثية بنصف نسبة قابلية الشخص على إدمان المخدرات أو الكحول، حيث يظهر دور العامل الوراثي في تحديد ما إن كان الأمر سينتهي بحالة الإدمان بعد خوض تجربة التعاطي، أو الاكتفاء بالتجربة الأولى، حيث يساهم وجود الاستعداد الجيني لدى الفرد في التسبب بالإدمان بعد خوض التجربة الأولى.^[٦]