اضطّراب الشخصيّة الحدي

يُعرف اضطّراب الشخصيّة الحدي على أنّه مرضٌ عقلي يتميّز بوجود نمطٍ من تغيّرات المزاج، وعادة ما تظهر أعراضه جليًّا في علاقات المريض مع الآخرين، بالإضافة لذلك قد يعاني المصابون بهذا الاضطراب من الغضب، والاكتئاب، والقلق وقد تستمرّ هذه الأعراض من بضع ساعات، وقد تصل إلى أيّامٍ عدّة، في هذه المقال سنتطرق إلى أهمّ المعلومات حول اضطراب الشخصيّة الحدي، وأعراضه، وطريقة تشخيصه، وغيرها.[١][٢]


أعراض اضطراب الشخصية الحدي

يعاني المصابون باضّطراب الشخصيّة الحدي من صعوبة في الاستمتاع بالحياة وتحقيق نجاحاتٍ معيّنة سواءً في علاقاتهم مع الآخرين، أو في العمل، أو المدرسة، وذلك مرتبطٌ بظهور العديد من الأعراض، حيث أقرّ الأطباء أنّ لتشخيص هذا الاضطراب يجبُ ظهور خمسة أعراض على الأقل من الأعراض التالي ذكرها ولفترات طويلة، وعادة ما يبدأ ظهور هذه الأعراض في مرحلة المراهقة.[٣][٤]


الخوف من الهجر

عادة ما يعاني الشخص المصاب بهذا الاضطراب من الخوف من الهجر والشّعور بالوحدة، فقد يسبّب هذا الشعور لأحباء المريض ومن حوله آثارًا سلبيّة لهم، مثل: مراقبته الدّائمة لهم، والتّشبث بهم، أو حتى منعهم من الخروج والتجوّل أيضًا، وذلك يؤدّي إلى التعلّق الشّديد بالآخرين وصعوبة الثّقة بهم في آنٍ واحد.[٤][٣]


علاقاتٍ غير مستقرّة

يمتاز مريض اضطراب الشخصيّة الحدي بكثرة العلاقات وتبدّلها بشكلٍ سريع، فهو متقلّب المزاج والمشاعر وسرعان ما يتحول الحب لديه إلى مشاعر كره وغضب سواءً لشريكه، أو عائلته، أو أصدقائه، كما تمتاز علاقاته بكثرة الجدال، والحجج، والانفصال المتكرّر.[٤][٣]


تذبذب علاقة المريض مع ذاته

لا يوجد لمريض اضطراب الشخصيّة الحدي صورةٌ أو رأيٌ واضحٌ عن ذاته، فتارّةً يراها جيّدة تستحق الأفضل وتارّة يراها الأسوء، لذلك فهو كثير التقلّب والتغيير كتبديل الوظائف، والأصدقاء، والأفكار، وغيرها.[٣][٤]


سلوكيّات عدوانية

يميل مريض هذا الاضطراب لفعل سلوكيّات متهوّرة وخطرة قد تصل لإيذاء النّفس كالتفكير بالانتحار مثلًا خاصّة في حالات الغضب، وإنفاق أموالٍ لا يمكن سدادها، والقيادة بتهوّر، وتعاطي المخدّرات والكحول وغيرها.[٥][٣]


تقلّبات عاطفيّة

من أكثر ما يميّز مريض اضطراب الشخصيّة الحدي هي تقلّباته العاطفيّة، حيث سرعان ما تتغيّر مشاعره ومزاجه ولكنها في الوقت نفسه لا تستمرّ لأوقاتٍ طويلة، وغالبًا ما تنتهي خلال دقائق معدودة إلا أنها قد تصل إلى أيّام في بعض الأحيان.[٥]


مشاعر الفراغ المزمنة

كثيرٌ من مرضى الاضطراب الحدي يشعرون بالفراغ الدّائم، كما يصفون أنفسهم بأنّهم لا شيء أو لا أحد، لذلك قد يحاولون ملء هذا الفراغ بتناول الطّعام أو تعاطي المخدّرات ولكن من دون سبيلٍ للوصول إلى الرّضا.[٣]


الغضب الشّديد

قد يجد مريض هذا الاضطراب صعوبة في التحكّم بنفسه، لذلك قد يصاب بنوبات غضبٍ شديدة يتخّللها الصّراخ ورمي كل ما حوله.[٣]


فقدان الاتصال بالواقع

قد يعاني مريض اضطراب الشخصيّة الحدي إذا تعرّض لتوتّر وضغطٍ شديد من اضطرابات نفسية أخرى، كجنون الارتياب - وهي حالةٌ يظنّ المريض بها أنّ أحدًا آخر يريد أذيّته- أو اضطّراب الانفصال كأن يشعر بأنه ليس في جسمه أو أنّه خارج الواقع.[٥][٤]


أنواع اضطراب الشخصية الحدي

تم تحديد أربعة أنواعٍ لاضّطراب الشخصيّة الحدي من قبل المختصّين، نذكرهم فيما يأتي:[٦]

  • اضّطراب الشخصيّة الحدي المثبط: يميل المصاب بهذا النوع لاتّباع الآخرين والتّشبث بهم، على الرّغم من شعوره الدّاخلي بالغضب وخيبات الأمل من تصرّفات الأشخاص من حوله، ويُعتبر أكثر ميلًا لإيذاء نفسه أو للانتحار.
  • اضّطراب الشخصيّة الحدي المندفع: عادةً ما يسعى المصاب بهذا النوع للإثارة والمغامرة حيث إنه يمتلك طاقاتٍ عالية، ولكنه ينفّذ من غير تخطيط، لذلك يقع بالكثير من المشاكل والممارسات الخاطئة.
  • اضّطراب الشخصيّة الحدي العدواني: يوصف المصاب بهذا النوع بأنه سريع الغضب، والهيجان، ونفاذ الصّبر، وبالإضافة لذلك فإنه يشعر عادةً بانعدام قيمة الذّات، كما يميل إلى إظهار سلوكيّات إيذاءٍ للنّفس.
  • اضطراب الشخصيّة الحدي المدمّر للذّات: قد يؤذي المصاب بهذا النوع نفسه سواءً بوعيٍ أو من غير وعي، وعلى الرّغم من أنّه قد يبدو بخيرٍ من الخارج إلّا أنّه يحتاج للمساعدة والدّعم.


أسباب اضطراب الشخصية الحدي

على الرّغم من أن هذا الاضطراب يصيب الإناث أكثر من الذّكور إلّا أنّه لا أسباب واضحة للإصابة به أو لحدوثه بشكلٍ عام، حيث أوضح العلماء أنّ أسبابه قد تنتج عن العديد من العوامل، ومنها:[٧]

  • أحداث الحياة المؤلمة، مثل:
  • المشاكل العائليّة.
  • فقدان أحد الوالدين.
  • الإهمال.
  • الاعتداء الجنسي أو الجسدي.
  • عيش طفولة مزعجة.
  • الشعور الدّائم بالخوف والانزعاج.
  • الجينات: تشير بعض الدّراسات إلى ارتباط حدوث هذا الاضطراب بجيناتٍ معيّنة، وذلك لأنّ نسبة الإصابة به ترتفع فيما لو كان أحد أفراد العائلة المقرّبين مصابٌ به ولكن من الصّعب تأكيد ذلك.


تشخيص اضطراب الشخصية الحدي

عادةً ما تترافق الإصابة باضطّراب الشخصيّة الحدي بأمراض عقليّة أخرى، ما يجعل من تشخيصه أمرًا صعبًا ولكن قد يستطيع الطبيب النفسي المختص أو الأخصائي الاجتماعي من تشخيصه عن طريق اتّباع الطّرق الآتية:[١]

  • طرح مجموعة من الأسئلة، حيث يتضمنها مناقشة الأعراض.
  • إجراء فحصٍ طبي شامل ودقيق، وذلك لاستبعاد أيّة أسباب أخرى قد تسبّب أعراض مشابهة.
  • السّؤال عن التاريخ الطّبي للعائلة، وفي حال وجود أيّة أمراض عقليّة.


دواعي مراجعة الطبيب

من الضروري التنبيه إلى أهميّة التواصل مع الطبيب المختص عند ظهور الأعراض التي تم ذكرها سابقاً، كما يجب طلب المساعدة الطبية الطارئة في حال وجود أي أفكار انتحارية لدى المريض.[٥]


علاج اضطراب الشخصية الحدي

ظهرت نتائج جيّدة للأشخاص المصابين باضّطراب الشخصيّة الحدي الذين خضعوا لخطّة علاجٍ شاملة، إذ تتضمن هذه الخطة كل من: العلاج النّفسي، والرّعاية الأسرية، والعلاجات الدوائية عند الحاجة، وفيما يلي توضيحٌ لنوعيّة العلاج المستخدمة.[٨]


العلاج النّفسي

يهدف العلاج النّفسي إلى معالجة الحالة العاطفيّة المرتبطة باضّطراب الشخصّية الحدي، ونذكر فيما يلي أهمّ العلاجات النّفسية المستخدمة لذلك:[١]

  • علاج السّلوك الجدلي: يهتمّ بتعلّم مهارات التأقلم، والتحكّم بالمشاعر، وتحسين العلاقات، كما يشجّع على ممارسة تمارين اليقظة الكاملة كالتأمل، والتنفس، والتهدئة الذّاتية، حيث أظهر نتائج فعّالة في الحد من السّلوك الانتحاري، وتعاطي المخدّرات، وتجاوز الصّعوبات وغيرها من الأمور.
  • العلاج المعرفي السّلوكي: يهتمّ بضبط وتغيير الأفكار السلبيّة وتعلّم مهارات التأقلم أيضًا.
  • العلاج المستند إلى التعقّل: يهتمّ بكيفيّة إدراك الوعي الداخلي، وتحسين العلاقات مع الآخرين.


العلاجات الدوائية

لا يوجد أدويةٌ معيّنة تعالج اضّطراب الشخصيّة الحدي بشكل نهائي، لكن يوجد مجموعة من الأدوية الّتي تقلل من الأعراض المصاحبة لهذا الاضطراب، كأدوية الاكتئاب والقلق، التي توصف لتقليل تقلّبات المزاج أو السّلوك الاندفاعي وغيرها.[٩]


الرّعاية الطبيّة

قد يحتاج بعض الأشخاص المصابين باضّطراب الشخصيّة الحدي إلى عناية ورعاية خاصّة بسبب تطوّر حالاتهم، لذلك قد توفّر أماكن الرّعاية أو المشافي بيئةً آمنة وبرامج معيّنة تدعم المصابين بهذا الاضطراب وتقدّم لهم العناية المطلوبة إلى جانب العلاج النفسي والأدوية.[٨][٩]


نصائح للتعايش مع اضّطراب الشخصيّة الحدي

يمكن لمريض اضطّراب الشخصيّة الحدي التغلّب على المرض وأعراضه من خلال اتباع بعض النصائح التي سنذكرها فيما يأتي:[١٠]

  • احرص على تعديل روتينك اليومي، كتحديد أوقاتٍ معيّنة للنوم والأكل مثلًا.
  • مارس تمارين التنفّس بانتظام، وذلك في سبيل تخفيف التوتر والقلق.
  • انضم إلى مجموعات الدعم والمساندة، وذلك لمشاركة التجارب والخبرات.
  • احرص على حضور دوراتٍ حول الصحّة النفسية التي تساعد على تخفيف الأعراض، حيث قدّمت بعض الهيئات مثل هيئة الخدمات الصحيّة الوطنية NHS مجموعة مجانيّة منها.


المراجع

  1. ^ أ ب ت "Borderline Personality Disorder", NIH, 29/7/2021. Edited.
  2. "Overview of BPD", NEAPBD, 29/7/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ "Borderline Personality Disorder (BPD)", helpguide, 29/7/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث ج "What Is Borderline Personality Disorder (BPD)?", verywellmind, 29/7/2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت ث "Borderline personality disorder", Mayo Clinic, 29/7/2021. Edited.
  6. "THE FOUR TYPES OF BORDERLINE PERSONALITY DISORDER", OPI, 30/7/2021. Edited.
  7. "Borderline personality disorder (BPD)", mind, 30/7/2021. Edited.
  8. ^ أ ب "Borderline Personality Disorder", nami, 30/7/2021. Edited.
  9. ^ أ ب "Treatment - Borderline personality disorder", NHS, 30/7/2021. Edited.
  10. "Borderline personality disorder", rethink mental illness, 30/7/2021. Edited.