اضطراب تعدد الشخصيات

يُعرَف اضطراب تعدد الشخصيات (بالإنجليزية: Multiple Personality Disorder)، أو اضطراب الهوية الانفصامي (بالإنجليزية: DID - Dissociative Identity Disorder) بأنّه شكل حاد من أشكال الانفصام؛ وهي حالة يُعاني بها الشّخص من الاتصال بين الأفكار، أو الذّكريات، أو المشاعر، أو الأفعال، أو الإحساس بالهويّة الشخصية،[١] ويصف الخبراء الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب العقلي بأن لديهم هويتين أو شخصيتين منفصلتين أو أكثر، وتتحكم هذه الشخصيات بالسّلوك في أوقات مختلفة، فلكل هوية تاريخها الشخصي، وسماتها، وخصائصها، وأمور تُعجبها وأخرى لا تُعجبها،[٢] ومن الجدير بالذكر أن هذا الاضطراب أكثر شيوعًا عند النساء منه عند الرجال.[٣]


الأسباب وعوامِل الخطر

في الواقع لا يزال السبب الأساسي للإصابة باضطراب تعدد الشخصيات غير واضح ومؤكد حتى الآن، إلا أن الكثير من الناس يعتقدون أنه يحدث استجابةً لصدمات الطفولة المتكررة؛ إذ تؤثر الصدمة في كيفية تطور عقل الطفل، مما يسبب أعراض اضطراب تعدد الشخصيات في مرحلة البلوغ،[٤] ومن العوامل والأسباب التي تساهم في تطور اضطراب تعدد الشخصيات ما يلي:[٥]

  • عدم وجود موارد آمنة ورعاية جيدة لسوء المعاملة أو الصدمة.
  • القدرة على الانفصال بسهولة.
  • التأقلم والتكيّف أثناء الصدمة أو الضائقة، واستخدام الانفصال كمهارة لحل الكثير من الأُمور.




نظرًا لكون الإساءة موجودة في كثير من الأوقات، فإنه لا يمكن افتراض أن أفراد الأسرة هم المتورطون فيها دائمًا.




أعراض اضطراب تعدد الشخصيات

كما أسلفنا الذكر، يمتلك الشخص المصاب باضطراب تعدد الشخصيات هويتين مميزتين أو أكثر؛ فالهوية "الأساسية" هي شخصيته المعتادة، أما "التغيّرات" التي تظهر عليه فهي شخصياته البديلة، وقد تختلف الهويات عن بعضها البعض من حيث الأجناس، والأعراق، والاهتمامات، وطرق التفاعل مع البيئة المحيطة،[٢] ويمكن أن تشمل الأعراض والعلامات الشائعة الأخرى لاضطراب تعدد الشخصيات ما يلي:

  • القلق.[٢]
  • الأوهام.[٢]
  • الاكتئاب (بالإنجليزية: Depression).[٢]
  • الارتباك.[٢]
  • تعاطي المخدرات أو شُرب الكحول.[٢]
  • امتلاك أفكار انتحارية أو إيذاء النفس.[٢]
  • فقدان الذاكرة (بالإنجليزية: Amnesia) لفترات زمنية، ونسيان أحداث، وأشخاص، ومعلومات شخصية معينة.[٦]
  • الشعور بالانفصال عن النفس والعواطف.[٦]
  • تصوّر الأشخاص والأشياء المحيطة على أنها مشوهة وغير واقعية.[٦]
  • الشعور غير الواضح بالهوية الشخصية.[٦]


تشخيص اضطراب تعدد الشخصيات

عادةً ما يتضمن تشخيص اضطراب تعدد الشخصيات تقييمًا للأعراض والعلامات التي يعاني منها الشخص، واستبعاد أي حالة طبية يمكن أن تسبب الأعراض ذاتها،[٧] وقد يشمل التقييم كلًا مما يلي:

  • الاختبار السّريري: أثناء هذا الاختبار يفحص الطبيب الشخص، ويطرح عليه مجموعة من الأسئلة، ويتحقق من أعراضه وعلاماته وتاريخه الطبي الشخصي، وأثناء الاختبار يستبعد الطّبيب الحالات الجسدية الأخرى كإصابة الرأس، أو بعض أمراض الدماغ، أو الحرمان من النوم، أو التسمم، والتي يمكن أن تسبب جميعها أعراضًا كفقدان الذاكرة، والشعور بعدم الواقعية.[٧]
  • الاختبار النفسي: يُجرى الاختبار النفسي من قِبل أخصائي الصحة العقلية، والذي يطرح على الشخص أسئلة حول أفكاره، ومشاعره، وسلوكه، كما يناقش أعراضه وعلاماته، وبعد الحصول على موافقة الشخص نفسه يمكن أن يحصل الأخصائي على معلومات أكثر من أفراد أسرته أو المقربين منه.[٧]
  • الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية- الإصدار الخامس: (DSM-5)، تساعد معايير التشخيص الموضحة في الإصدار الخامس للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية على تشخيص الإصابة باضطراب تعدد الشخصيات، وتشمل هذه المعايير:[٨]
  • وجود هويتين أو شخصيتين مميزتين أو أكثر، لكل منها نمطها الثابت نسبيًا في الإدراك، والارتباط، والتفكير بنفسها والبيئة المحيطة.
  • تتحكم اثنتان على الأقل من الهويات أو الشخصيات بشكل متكرر في سلوك الشخص.
  • عدم القدرة على تذكر واستحضار المعلومات الشخصية المهمة، والتي لا يمكن تفسيرها أو توضيحها بالنسيان العادي.
  • لم يحدث المرض نتيجةً للتأثيرات الفسيولوجية المباشرة لتعاطي مادة أو الإصابة بحالة طبية ما كالإغماء، أو تعاطي الكحول، أو التسمم بالأدوية الأخرى.


علاج اضطراب تعدد الشخصيات

للأسف لا توجد إرشادات محددة توضح كيفية علاج اضطراب تعدد الشخصيات، كما لا يوجد دواء محدد له؛ إذ غالبًا ما يصف الأطباء العلاجات على أساس كل حالة على حدة، وتُركز خطط العلاج على إدارة أي حالات تحدث جنبًا إلى جنب مع اضطراب تعدد الشخصيات، ويمكنها الجمع بين العلاج النفسي وأي أدوية ضرورية للمساعدة في السيطرة على الأعراض،[٩] وفيما يلي توضيحًا لذلك:

  • العلاج النفسي: (بالإنجليزية: Psychotherapy)، يُعرف أيضًا بالعلاج بالكلام، وهو العلاج الرئيسي للأشخاص المصابين باضطراب تعدد الشخصيات، وقد تساعد التقنيات المستخدمة كالعلاج السلوكي المعرفي (بالإنجليزية: Cognitive Behavioral Therapy) الشخص المصاب على تعلّم قبول المُحفزات التي تسبب تحولات في شخصيته، إضافةً إلى المساعدة على تكامل هويته، وتعلّم كيفية التعامل مع تجارب ما بعد الصدمة.[٩]
  • العلاج بالتنويم المغناطيسي: (بالإنجليزية: Hypnotherapy)، يستخدم هذا العلاج بالتزامن مع العلاج النفسي، ويمكن استخدامه للمساعدة على الوصول إلى الذكريات المكبوتة، والتحكم ببعض السلوكيات الإشكالية التي تصاحب اضطراب تعدد الشخصيات، وكذلك المساعدة على دمج الشخصيات المتعددة في شخصية واحدة.[١]
  • العلاج المساعد: (بالإنجليزية: Adjunctive therapy)، أثبتت بعض العلاجات كالعلاج بالفن أو الحركة فعاليتها في مساعدة الأشخاص المصابين باضطراب تعدد الشخصيات على التواصل مع أجزاء من أذهانهم أُغلقت عنهم للتغلّب على الصدمات.[١]
  • العلاج الدوائي: في الواقع لا توجد أدوية أثبتت فعاليتها في علاج اضطراب تعدد الشخصيات، ومع ذلك يمكن أن تساعد بعض الأدوية على التعايش مع هذا الاضطراب العقلي، كما يمكن أن تساهِم أحيانًا في السيطرة على عدد من الأعراض المرافقة له كالقلق، والاكتئاب، ومشاكل النوم، وقد تُستخدم الأدوية جنبًا إلى جنب مع أي من العلاجات السابقة، إلى جانب استخدامها في الحالات الشديدة أيضًا.[٤]


الحالات الطبية المرتبطة بهذا الاضطّراب

ترتبط العديد من الحالات الطبية بحدوث اضطراب تعدد الشخصيات، وفيما يلي أهمها:[١٠]

  • اضطراب ما بعد الصدمة (بالإنجليزية: Post-traumatic stress disorder)، واختصارًا "PTSD".
  • الاضطرابات الانفصامية الأخرى بما في ذلك:
  • فقدان الذاكرة الانفصالي (بالإنجليزية: Dissociative amnesia).
  • اضطراب تبدد الشخصية (بالإنجليزية: Depersonalization disorder).
  • اضطراب الإجهاد الحاد (بالإنجليزية: Acute stress disorder).
  • القلق والضيق والاكتئاب.


مضاعفات اضطراب تعدد الشخصيات

قد يعاني الأشخاص المصابون باضطراب تعدد الشخصيات من عدد من المضاعفات، والتي تحدث عادةً إذا تُركت الحالة دون علاج، وفيما يلي ذكرًا للمضاعفات المحتملة لاضطراب تعدد الشخصيات:[١١]

  • صعوبات الحياة المُختلفة مثل تحطّم بعض العلاقات، وفقدان الوظيفة.
  • الأرق.
  • المشاكل الجنسية.
  • الاكتئاب الحاد.
  • اضطرابات القلق.
  • اضطرابات الأكل، مثل فقدان الشهية (بالإنجليزية: Anorexia)، أو الشره المرضي (بالإنجليزية: Bulimia).
  • إدامن المخدرات، وإدمان الكحول.
  • إيذاء النفس.

المراجع

  1. ^ أ ب ت Smitha Bhandari (22/1/2020), "Dissociative Identity Disorder (Multiple Personality Disorder)", webmd, Retrieved 15/7/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د "Dissociative Identity Disorder (Multiple Personality Disorder)", clevelandclinic, 25/5/2021, Retrieved 15/7/2021. Edited.
  3. "Dissociative identity disorder (DID)", SANE Australia, 23/3/2021, Retrieved 15/7/2021. Edited.
  4. ^ أ ب Nicola Barton (9/5/2017), "Dissociative Identity Disorder", patient, Retrieved 15/7/2021. Edited.
  5. "Dissociative Identity Disorder ", aamft, Retrieved 15/7/2021. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث "Dissociative disorders", mayoclinic, 17/11/2017, Retrieved 16/7/2021. Edited.
  7. ^ أ ب ت "Dissociative disorders", mayoclinic, 17/11/2017, Retrieved 16/7/2021. Edited.
  8. Roxanne Dryden-Edwards (16/1/2021), "Dissociative Identity Disorder: Symptoms and Causes", medicinenet, Retrieved 16/7/2021. Edited.
  9. ^ أ ب Jon Johnson (14/7/2020), "Split personality disorder: Signs, symptoms, causes, diagnosis, and more", medicalnewstoday, Retrieved 16/7/2021. Edited.
  10. Cathleen Crichton-Stuart (11/4/2018), "What is dissociative identity disorder?", medicalnewstoday, Retrieved 16/7/2021. Edited.
  11. "Dissociation and dissociative disorders", betterhealth, 1/6/2012, Retrieved 16/7/2021. Edited.