تعدّ اضطرابات الأكل حالةً طبية تحرم الجسم من أدنى احتياجاته الغذائية، وليست نمط حياةٍ يمكنك اختيار اتباعه، إذ تسبب هذه الاضطرابات مشاكل صحية خطيرة تتطلّب العلاج الفوريّ لحلّها.[١]


ما المقصود باضطرابات الأكل؟

هي اضطراباتٌ شديدة ومتكررة في سلوكيات وعادات الأكل ترتبط بوجود أفكارٍ سلبية وضغوطاتٍ نفسية عند المُصاب بها، وقد يتعرّض الملايين من المراهقين والبالغين في العالم بنسبة 5% إلى هذه الاضطرابات، وأغلبهم من النساء في المرحلة العمرية 12-35 سنة.[٢]


أنواع اضطرابات الأكل

تختلف أعراض اضطرابات الأكل وتتنوع اعتمادًا على نوع الاضطراب، وتضم قائمة أكثر اضطرابات الأكل شيوعًا كلاً من فقدان الشّهية العصبي ومرض الشّره العصبي واضطراب الإسراف في تناول الطعام، ومن الاضطرابات التي تنتشر بصورةٍ أقلّ هي اضطراب الاجترار واضطراب تجنّب تناول الطعام،[٣] إذ يمكن توضيح كلّ نوعٍ على النحو التالي:


فقدان الشهية العصبي

يُشار إلى فقدان الشّهية العصبي (بالإنجليزية: Anorexia nervosa) باسم الأنروكزيا؛ وهو اضطرابٌ يعاني المصاب به من فهم مضلل للشكل والوزن، يدفعه إلى الخوف الشّديد من اكتساب الوزن، مما يؤدي إلى انخفاض وزنه بصورةٍ غير طبيعية قد تهدد حياته، إذ يبذل المُصاب بفقدان الشّهية العصبية مجهودًا كبيرًا للحفاظ على ووزنه وشكله، وتتضمّن هذه الجهود الحدّ من عدد السّعرات الحرارية التي تدخل الجسم، وإنقاص الوزن بأساليب غير صحية كاستخدام المليّنات (الأدوية التي تسبب الإسهال) أو اتباع حميةٍ غذائية غير مناسبة أو التقيؤ مباشرًة بعد الأكل أو ممارسة الرياضة بشكل مفرط، فتؤدي هذه الجهود إلى انخفاض الوزن عن الحدّ الطّبيعي والتسبب بمشاكل صحية خطيرة.[٣]


مرض الشره العصبي

يُقصَد بمرض الشّره العصبي (بالإنجليزية: Bulimia nervosa) أنه اضطرابٌ يأكل المُصاب به كميةً كبيرة من الطعام مقارنةً بكمية الطعام التي قد يأكلها الشّخص الطّبيعي خلال فترة زمنية معيّنة، وعلى خلاف فقدان الشّهية العصبي لا يعاني المُصاب بمرض الشّره العصبي انخفاضًا في الوزن، بل قد يكون وزنه طبيعيًا أو تحت الحدّ الطّبيعي أو فوقه، ولكن يتشابه كلا الاضطرابين بالفهم المضلل للوزن والشّكل عند المُصاب الذي يدفعه لاتباع أساليب غير صحية للتحكّم بهما.[٤]


اضطراب الإسراف في تناول الطعام

يعاني المصاب باضطراب الإسراف في تناول الطّعام (بالإنجليزية: Binge-eating disorder) من فقدان السّيطرة على نفسه أثناء تناول الطعام، بالتالي يتناوله بكمياتٍ كبيرة جدًا وبصورة سريعة حتى عند شعوره بالشّبع، وتظهر على المُصاب زيادة الوزن عن الحدّ الطبيعي، التي تسبب له الشّعور بالذنب عند تناول الطعام، كما يُفضِّل المُصاب بهذا الاضطراب تناول الطّعام وحده حتى لا يُلاحِظ الناس الكميات التي يأكلها، إذ يتمّ تشخيص الأفراد بهذا الاضطراب عند شعورهم بالأعراض مرة واحدة على الأقلّ في الأسبوع ولمدّة 3 شهور.[٤]


اضطراب الاجترار

يعاني المصاب باضطراب الاجترار (بالإنجليزية: Rumination disorder) من ارتجاع الطعام بشكلٍ مستمر وإعادة مضغه بعد بلعه، كما يتعرّض المُصاب بهذا الاضطراب لنقصٍ في الوزن، وآلامٍ في المعدة، وتسوّس الأسنان، ويتمّ تشخيص الأفراد بهذا الاضطراب عند التعرّض لهذه الحالة بصورةٍ منتظمة أيّ يوميًا لمدة شهرٍ على الأقلّ.[٥]


اضطراب تجنب تناول الطعام

يُقصَد باضطراب تجنّب تناول الطعام (بالإنجليزية: Avoidant/restructive food intake disorder) بالاضطراب الذي يمتنع المُصاب به عن تناول الطعام أو يحدّد اختيارته للأطعمة، بما لا يلبّي الحدّ الأدنى من حاجات الجسم الغذائية، ويعاني المصاب بهذا الاضطراب من نقصٍ حادّ في الوزن والتّغذية، مما يستدعي الحاجة إلى استخدام مصلٍ غذائي في الوريد أو استخدام المكمّلات الغذائية لتعويض حاجات الجسم الغذائية وتفادي الكثير من المشاكل الصّحية.[٢]


أسباب اضطرابات الأكل

تعتبر اضطرابات الأكل من الاضطرابات المعقّدة، وذلك لعدم معرفة أسباب الإصابة بها، ولكن هنالك بعض النّظريات التي تقترح وجود المسببات التالية:[٦]

  • العوامل الجينية والوراثية: ولا يكفي وجود تاريخ مرضي عند أحد أفراد العائلة للتنبؤ بالاضطراب، إلا إذا اقترن ببعض العوامل المحفّزة كتأثير الإعلام ومواقع التّواصل الاجتماعي على معايير الشكل والوزن.
  • العوامل البيئية: تؤثر البيئة المحيطة في الصّحة النّفسية والعقلية للفرد، ومن هذه العوامل هي البلوغ، والضّغط النّفسي، والتنمّر، واتباع بعض الحميات الغذائية.


تشخيص اضطرابات الأكل

يعتمد تشخيص اضطرابات الأكل عادة على متابعة التاريخ الطبي للمريض، والذي يحرص الطبيب من خلاله الحصول على المعلومات المتعلّقة حول الأعراض التي يشعر بها المريض، وعن عاداته في الأكل، وممارسة الرياضة، كما يلجأ الأطباء إلى مجموعةٍ من الفحوصات لتشخيص إصابة الفرد باضطرابات الأكل، وتشمل:[١]

  • الفحص البدني.
  • تحاليل الدم والبراز، وذلك للوقوف على الحالات الطبية الأخرى التي قد تتسبب بظهور الأعراض.
  • فحوصات وظائف الكلى وتخطيط القلب، وذلك لاحتمال تأثير اضطرابات الأكل عليهما.


علاج اضطرابات الأكل

لا بدّ من البدء بالعلاج فور تشخيص الإصابة باضطرابات الأكل، وذلك لتأثيرها على الصّحة العامّة بشكلٍ كبير، وتعتمد خطّة العلاج على حالة وحاجة كل مريض، والتي تتضمّن اتباع واحدٍ أو مجموعة من الخيارات التالية:[٧][٦]

  • العلاج النفسي: والذي يكون بمحورين هما:
  • العلاج المعتمد على العائلة: وتكون العائلة فيه مسؤولةً عن تغذية المُصاب، وتحسين مزاجه، وتطوير عادات الأكل الصّحية لديه.
  • العلاج المعرفي السلوكي: يساعد هذا النوع من العلاج المريض على تحديد أنماط التفكير السلبي، وفهمها ومحاولة تغييرها، إذ تُستخدَم هذه الطّريقة في علاج جميع الاضطرابات السّلوكية، وخاصًة مرض الشره العصبي واضطراب الإسراف في تناول الطعام.
  • العلاج باستخدام الأدوية: يساعد استخدام بعض أنواع الأدوية في التخلّص من اضطرابات الأكل وبعض الاضطرابات المُرافِقة لها كالقلق أو الاكتئاب، ولهذه الغاية تستخدم مجموعات الأدوية التالية:
  • مضادات الاكتئاب.
  • مضادات الذهان.
  • مثبتات المزاج.
  • اتباع نظامٍ غذائي صحي: يكون ذلك باللجوء إلى أخصائي التّغذية للمساعدة على اختيار نظامٍ غذائي صحي مناسب وتشجيع المُصاب على تطبيقه.


الوقاية من اضطرابات الأكل

من الممكن الوقاية من الإصابة باضطرابات الأكل عن طريق اتباع النّصائح التّالية:[٨]

  • تغيير الأفكار والمعتقدات الخاطئة المُرتَكِزة على اكتساب جسمٍ نحيل ووزن مثالي للحصول على السعادة، والتّركيز على أنّ الإنسان هو كيانٌ كامل، وليس مجرّد جسد.
  • الاضطلاع على اضطرابات الأكل، والتعرّف على أعراضها؛ وذلك للمساعدة على التّشخيص المبكّر في حال الشّعور بأيّ من الأعراض سابقة الذّكر.
  • تجنّب تصنيف الطّعام إلى مجموعاتٍ ضارّة أو مفيدة، فالجسم بحاجةٍ إلى الحصول على جميع المجموعات الغذائية بكمياتٍ متوازنة.
  • التوقّف عن إصدار الأحكام على الآخرين وعلى النّفس حسب شكل الجسم أو الوزن، إذ إنّ الأهداف والشّخصية والإنجازات هي ما يُحدِّد الهوية.
  • دور الأهل حماية أطفالهم من اضطرابات الأكل بتربيتهم على الأفكار والمعتقدات التالية:[٨]
  • يُظهِر الإعلام بأنّ كل شيء مثاليًا، فهو إعلامٌ غير حقيقي، فإظهار أنّ شكل الجسم المثالي أو النّحيل هو ما يمنح الفرصة والدّافع لتحقيق الإنجازات هو أمرٌ خاطئ وغير صحيحٍ بتاتًا.
  • تثقيف الأطفال بموضوع اضطرابات الأكل وخطورتها، ومناقشتهم للإجابة عن جميع استفساراتهم المُتعلّقة بها.
  • بناء ثقة الأبناء بأنفسهم وتعزيزها من خلال تشجيعهم على القيام بالممارسات الصّحية التي يفضّلونها.


كيف يمكنك دعم المُصاب باضطراب الأكل؟

يمكنك إظهار الدعم للمصاب باضطراب الأكل بتقبّلك له والاهتمام به من خلال:[٩]

  • التّواصل الدّائم معه والاستماع إلى مشاكله.
  • مشاركته في ممارسة النّشاطات التي يُفضّلها.
  • تعزيز ثقته بنفسه والتّعبير عن مدى أهمية وجوده في حياتك.

المراجع

  1. ^ أ ب "Eating Disorders", medlineplus, Retrieved 31/7/2021. Edited.
  2. ^ أ ب "What Are Eating Disorders?", psychiatry, Retrieved 31/7/2021. Edited.
  3. ^ أ ب "Eating disorders", mayoclinic, Retrieved 31/7/2021. Edited.
  4. ^ أ ب "Eating Disorders", kidshealth, Retrieved 31/7/2021. Edited.
  5. "Mental Health and Rumination Disorder", webmd, Retrieved 31/7/2021. Edited.
  6. ^ أ ب "What Are Eating Disorders?", verywellmind, Retrieved 31/7/2021. Edited.
  7. "Eating Disorders", nimh, Retrieved 31/7/2021. Edited.
  8. ^ أ ب "8 Ways to Prevent Eating Disorders (Plus 5 Recommendations for Parents)", casapalmera, Retrieved 1/8/2021. Edited.
  9. "How to help someone with an eating disorder", nhs, Retrieved 1/8/2021. Edited.