طريقة سن رايز لعلاج التوحد

لا يوجد علاج شاف لاضطراب طيف التوحّد (بالإنجليزية: Autism spectrum disorder) أو ما يعرف بمرض التوحد حتّى يومنا هذا، ولكن تم تطوير العديد من الطُرق التي قد تقلل من أعراض مرض التوحد ومشاكله، وتُمكّن المُصابين به من ممارسة نشاطاتهم وحياتهم والمشاركة في المجتمع،^[١] ويعد برنامج سن رايز لعلاج التوحد أحد هذه الطُرق،^[٢] فما هو هذا البرنامج؟ وماذا يُقّدم لأطفال التوحد؟

برنامج سن رايز لعلاج التوحد

برنامج سن رايز (بالإنجليزيّة: Son Rise program) هو برنامج مساعد على علاج الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد وبعض الاضطرابات السلوكية الأخرى، إذ يُوفِّر تدريبًا شاملًا للآباء والمختصين الذين يتعاملون مع أطفال مرضى التوحد حتى يستطيعوا فهمهم ورؤية العالم بأعينهم، حيث يهتم برنامج سن رايز بتعليم الآباء كيف يدخلون لعالم أطفالهم من خلال تعليمهم أساليب مبينة على اللعب تهدف إلى تنمية مهارات الطفل الاجتماعية، وتُشجّع تواصله معهم، ومع الأشقاء والأقران، فيوفر برنامج سن رايز للآباء ومقدمي الرعاية المعلومات التي يحتاجونها حول مراحل تطور الأطفال المصابين بالتوحد وما يجب تعليمه لهم، ومتى يجب فعل ذلك حتى يكتسب الأطفال هذه المهارات ويطورونها بنجاح.^[٢]

^[٣]

تاريخ تأسيس برنامج سن رايز

تم تطوير برنامج سن رايز في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات على يد الزوجين كوفمان، حين اكتشفوا إصابة ابنهم راون بالتوحد، وكانت سلوكيات التوحد قد بدأت بالظهور على راون بعد تعرضه لالتهابات أذن متكررة، فلجأ الأبوان كوفمان إلى الأطباء لتشخيص ابنهم وعلاجه، ولكن كان الرد بأن طفلهم مصاب بالتوحد، ولا يمكن علاجه، مما دفع الأبوين لبدء برنامج علاج خاص بهم بناءً على فكرة أن طفلهم يفهم نفسه وسلوكياته التي لا يفهمونها هم، وأنّه يقوم بها لسبب ما لا يدركوه، فدفعهم هذا إلى مجاراة تصرفات طفلهم، وتقليدها، ومحاولة التواصل معه بطريقته هو، فبدأوا بتقليد سلوكيات التوحد الخاصة به كالتأرجح، وتدوير الصحون، وغيرها، وذلك مع إدخال السلوكيات الاجتماعية المُتعارف عليها مثل: التواصل بالأعين، والكلام، والغناء بشكل تدريجي، ودون إجباره على الانخراط والالتزام بهذه السلوكيات الجديدة عليه، وبعد ثلاث سنوات من العمل الشاق مع روان وفق برنامج سن رايز، تراجعت سلوكيات التوحد عنده كثيرًا، وأصبح أقدر على التصرف بشكل طبيعي كباقي الأطفال، كما أنّه تمكّن من الالتحاق بمدرسة اعتيادية، وكوّن صداقات مع الأطفال الآخرين، ومن ثم التحق بالجامعة، فتمكّن راون من عيش حياة طبيعية بعيدة كأقرانه،^[٤] وفي عام 1983، أسست عائلة كوفمان مركز علاج التوحد في أمريكا (ATCA) الذي يقدم برامج تدريبية مبتكرة للآباء والمهنيين الذين يهتمون بأطفال التوحد.^[٥]

المبادئ الرئيسية التي يرتكز عليها برنامج سن رايز

يقوم برنامج سن رايز على عدد من المبادئ التي تجعله مميزًا عن غيره في مواجهة التوحد، نذكر منها:^[٦]

• التوحد ليس اضطرابًا سلوكيًا: إنه اضطراب في تفاعل الطفل وتواصله مع من حوله، وهذا هو سبب المشاكل السلوكية عنده، ولذا يركز سن رايز بشكل أساسي على التفاعل واللعب مع الأطفال، وبناء العلاقات معهم.
• التحفيز هو مفتاح التعلم: يهتم البرنامج بمعرفة اهتمامات الطفل ودوافعه، وبعدها مساعدته على تعلم المهارات التي يحتاجها من خلال هذه الاهتمامات، وذلك بدلًا من التلقين ومحاولة تعليم الطفل عن طريق التكرار، فهذا الأسلوب يزيد من رغبة الطفل بالمشاركة، ويزيد من قدرة احتفاظه بالمهارات التي تعلمها.
• سلوكيات طفل التوحد المتكررة لها قيمة ومعنى: يُشجّع البرنامج على الانضمام إلى سلوكيات الطفل ومشاركته بها بدلًا من محاولة إيقافها، مما يساهم في بناء علاقة وطيدة مع الطفل، وتسهيل التواصل واللعب معه، وتنمية مهاراته.
• الآباء هم أفضل معلمين للطفل: يعمل البرنامج على تدريب الآباء وتزويدهم بما يحتاجون من مهارات لمساعدة أطفالهم، إذ إن لا أحد يضاهي الحب، والتفاني، والالتزام الذين يستطيع الآباء تقديمه لأبنائهم.
• تعليم الآباء كيفية إنشاء بيئة مناسبة لتعليم أطفالهم: إذ يساعد البرنامج الآباء على بناء بيئة خالية من عدد كبير من العوامل المشتِّتة للأطفال المصابين بالتوحد، والتي لا ندركها عادةً.
• إمكانية الطفل المصاب بالتوحد غير محدودة: لا يمكن للبرنامج التنبؤ بما يمكن أن يحققه كل طفل، لكن يساعد البرنامج الآباء على تعلُّم المهارات التي تمكنهم وتعطيهم الأمل في إيجاد قدرات طفلهم الكامنة.^[٣]

ما هي الخدمات التي يقوم برنامج سن رايز بتقديمها للآباء؟

يُركّز برنامج سن رايز على تعليم الآباء كيف يتعاملون مع طفل التوحد من خلال تعليمهم الأفكار التالية:^[٣]

• صنع علاقة تفاعلية دافئة مع الطفل، وتشجيع الطفل على التعلُّم، والاستمتاع بذلك.
• مساعدة الطفل على تجاوز السلوكيات المتكررة المصاحبة للتوحد، ونوبات الغضب أو الضرب.
• تمكين الآباء من أن يصبحوا معلمين واثقين لطفلهم، ويستطيعون الدفاع عنه ومساندته.
• تحسين بيئة التعلم للطفل، وتوفير تقنيات تعليمية فعالة لطفل التوحد تُحفّزه على التعلم والاستمتاع.
• إيجاد السلام والراحة وتعليم الآباء الاسترخاء كأسلوب حياة لمساندتهم فيما يواجهونه من صعوبات مع مرض التوحد.

هل يشفي برنامج سن رايز من التوحد بشكلٍ كامل؟

لا توجد دراسات كافية إلى الآن تثبت أن برنامج سن رايز فعال فعلًا في علاج التوحد، حيث أظهرت دراسة نُشرت عام 2013 ميلادياً في مجلة Science in Autism Treatment أن برنامج سن رايز يساهم في تحسين سلوك الأطفال المصابين في التوحد، وزيادة تفاعلهم مع من حولهم، وتواصلهم بالكلمات، وكذلك دراسة أخرى نُشرت في عام 2017 ميلادياً في مجلة Journal of Research in rehabilitation Sciences أظهرت أن برنامج سن رايز قد يُحسّن من قدرة الأطفال المصابين بالتوحد على التواصل، إلا أن الدراستين تفتقران للنتيجة العلمية الأكيدة حول فعالية البرنامج، ويجب عمل المزيد من الدراسات العلمية لمعرفة تأثير برنامج سن رايز الفعلي على مهارات التواصل بشكل عام عند الأطفال المصابين بالتوحد.^[٧][٨]

لمعرفة المزيد عن البرامج المتوفرة لعلاج أطفال التوحد، انقر هنا.