الرهاب أو ما يُعرف بالفوبيا (بالإنجليزيّة: Phobia) هو خوف شديد وغير عقلاني من شيء لا يشكل خطرًا حقيقيًا على الشخص، وهو نوع من اضطرابات القلق، وله أنواع كثيرة، فهناك الخوف من المرتفعات، والخوف من الأماكن المغلقة، والرهاب الاجتماعي (وهو الخوف من التواجد في المناسبات والمواقف الاجتماعية اليومية)، بالإضافة إلى الخوف من الحشرات والحيوانات، وغيرها الكثير من الأنواع،[١] فكيف تُعالج الفوبيا؟ وما هي أهم النصائح للتغلب على هذا الخوف؟







كيفية علاج الفوبيا

الخبر السار هو أنّه يمكن علاج جميع أنواع الفوبيا تقريبًا والشفاء منها بشكل كامل، إلا أن بعض أنواع الفوبيا المعقدة كالرهاب الاجتماعي قد تستغرق وقتًا أطول وتتطلب جهدّا أكبر في علاجها،[٢] وتُقسم خيارات علاج الفوبيا الأساسية إلى العلاج بالأدوية، أو العلاج النفسي مثل: العلاج بالتعرض والعلاج السلوكي المعرفي،[٣] وقد يلجأ بعض الأطباء إلى الدمج بين العلاجات النفسية والعلاج بالأدوية معًا،[٤] ويمكن تفصيل هذه العلاجات كالآتي:


العلاج السلوكي المعرفي

العلاج السلوكي المعرفي (بالإنجليزية: Cognitive behavioral therapy) ويُعرف اختصارًا (CBT) وهو من أكثر علاجات الفوبيا شيوعًا واستخدامًا، حيث يُركّز هذا العلاج على تحديد الأفكار والمعتقدات السلبية حول الشيء الذي يعاني الشخص من الفوبيا منه، ومن ثم تغيير هذه المعتقدات.[٤]


يتضمن العلاج السلوكي المعرفي العديد من التقنيات المساعدة على التعامل مع الشيء المُسبِّب للخوف بطرق مختلفة، ففيها يبدأ الشخص بإدراك أفكاره ومعتقداته الحقيقية حول هذا الشيء، وتحديد أنماط تفكيره السلبية التي أدت إلى هذا الخوف، ومدى تأثير ذلك في حياته اليومية، ومن ثم يهتم العلاج بتغيير هذه الأفكار والمعتقدات إلى معتقدات حقيقية وواقعية، وهذا يسمح للشخص بالتعامل مع ما يخفيه بشكل واقعي.[٥][٦]


العلاج بالتعرض

العلاج بالتعرض (بالإنجليزية: Exposure therapy) هو أحد أشكال العلاج السلوكي المعرفي، [٧] الذي يتضمن التعرض لما يُسبب الفوبيا لدى الشخص بالتدريج، وبطريقة آمنة وخاضعة لإشراف المُعالج، وذلك بهدف تقليل الخوف والقلق من هذا الشيء في نهاية العلاج.[٣]


خلال العلاج بالتعرض يقوم المُعالج بتعليم المُصاب تقنيات الاسترخاء التي يجب استخدامها للمحافظة على الهدوء عند مواجهة ما يخيفه، بما في ذلك تقنيات التنفس العميق، واسترخاء العضلات، والتخيل، ومن ثم التدرب على استخدام هذه الاستراتيجيات بالتدريج لمواجهة الخوف،[٣] ومن الممكن بيان الأمثلة الآتية لتوضيح فكرة العلاج بالتعرض:

  • إذا كان الشخص يعاني من رهاب طبيب الأسنان: فقد يطلب منه المُعالج بدايةً القراءة عن طبيب الأسنان، ومن ثم يتدرج بعرض بعض الصور لعيادة الأسنان له، وقد يطلب منه بعدها القيام بزيارة لعيادة الأسنان والجلوس فقط في غرفة الانتظار دون الدخول للطبيب، بعدها قد يطلب منه التحدث إلى طبيب الأسنان، ثم الجلوس على كرسي المريض، وبعدها الجلوس لبدء علاج المشاكل التي يعاني منها في أسنانه، وهكذا بالتدريج حتى يتغلب الشخص على خوفه من طبيب الأسنان مرةً بعد مرة.[٨]
  • إذا كان الشخص يعاني من رهاب المصاعد: قد يطلب منه المُعالج بدايةً تخيُّل نفسه داخل المصعد، ثم النظر إلى صور للمصاعد، وبعدها قد يطلب منه الوقوف بجانب المصعد، ثم الدخول إليه، وبعدها يطلب منه استخدام المصعد للانتقال إلى طابق واحد أعلى، ومن ثم إلى عدة طوابق، وأخيرًا قد يطلب منه الصعود في مصعد مكتظ مع أناس آخرين، وهكذا يتغلب الشخص على خوفه من الصعود بالمصعد تدريجيًا.[٥]




قد يتضمن العلاج بالتعرُّض أحيانًا استخدام أدوات تكنولوجية حديثة، وتطبيقات على الحاسوب تساعد على تعريض المُصاب للشيء الذي يخفيه ضمن بيئة افتراضية مُصطنعة، وذلك إما باستخدام جهاز يرتديه المُصاب على رأسه ليعرض له صور وبيئة مفترضة عن الشيء الذي يخيفه، أو الدخول إلى غرفة يُعرَض عليها صور في كل مكان من جهاز كمبيوتر، لكن في الحقيقة لم يتم إثبات فعالية استخدام مثل هذه الأدوات في العلاج إلى الآن.



[٩][٨]


العلاج بالأدوية

تُستخدَم الأدوية للتخفيف من الأعراض الجسدية المرافقة للإصابة بالرهاب أو الفوبيا، وتجدر الإشارة إلى أنّه عادةً لا يتم اللجوء إلى استخدامها، إذ وُجِد أنّ العلاج السلكي المعرفي أكثر فعالية في علاج الرهاب على المدى الطويل مقارنةً بالعلاج بالأدوية،[٣][٢] ويمكن بيان الأدوية المُستخدمَة في العلاج كالآتي:

  • أدوية حاصرات بيتا: (بالإنجليزية: Beta blockers) تُستخدَم هذه الأدوية أساسًا لعلاج ارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب، لكن يمكن وصفها لمدة قصيرة بهدف السيطرة على أعراض القلق المصاحبة للفوبيا، مثل: الارتعاش، والتعرق، وغيرها من الأعراض الجسدية الأخرى للقلق، ومن الأمثلة عليها دواء بروبانولول (propranolol)، ومن أسمائه التجارية: ®Inderal، الذي قد يصرفه الطبيب أحيانًا قبل تعرُّض المُصاب لما يخيفه، كما هو الحال عند قيام المُصاب بالحديث في مؤتمر، إن كان يعاني من الرهاب حول ذلك.[٣]
  • الأدوية المضادة للاكتئاب: هناك عدة أنواع من الأدوية المضادة للاكتئاب التي توصف في حالة الفوبيا، والتي تُعطى لقدرتها على تحسين المزاج ومحاربة القلق،[١٠] ومن الأمثلة عليها دواء سيرترالين (Sertraline)، ومن أسمائه التجارية: ®Zoloft.[٣]
  • الأدوية المهدئة: (بالإنجليزية: Tranquilizers) قد تساعد هذه الأدوية على تقليل أعراض القلق، ويوصي الطبيب باستخدامها لفترات قصيرة فقط، ومن الأمثلة عليها: دواء ديازيبام (diazepam)، ومن أسمائه التجارية: ®Valium.[٣]



لا يجوز استخدام أي من هذه الأدوية دون استشارة الطبيب، لما لها من آثار جانبية كثيرة، ولكونها قد لا تتناسب مع جميع المرضى، كما أنّ استخدام بعض هذه الأدوية قد يؤدي إلى تعود الجسم عليها، ويمكن أن يكون الإيقاف المفاجئ لها مهددًا للحياة، لذلك من الضروري اتباع تعليمات الطبيب بدقة عند استخدام هذه الأدوية.


[١١]


نصائح عملية للتغلب على الفوبيا

بعض التغييرات البسيطة في أسلوب حياتك يمكن أن يكون لها أثر كبير في تقليل الأعراض المصاحبة للفوبيا، ويمكن ذكر بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك على هذا كالآتي:[١٢]

  • تناول طعامًا صحيًا ومتوازنًا: كما قللّ أو تجنب تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين والمواد المنشطة.
  • احصل على قدرٍ كافٍ من النوم يوميًا.
  • مارس التمارين الرياضية بانتظام: كما احرص على ممارسة التمارين التي تساعد على الاسترخاء، ومنها تمارين التنفس.
  • تخيّل موقفًا تضطر فيه لمواجهة الفوبيا التي تعاني منها والنجاح في هذه المواجهة.
  • أعثر على مجموعة مساندة من الناس مصابين بذات الفوبيا التي تعاني منها: إذ قد يكون التعرف على أشخاصٍ كهؤلاء ومشاركة التجارب والنصائح معهم أمرًا مفيدًا لك.
  • اسمح لنفسك بمواجهة الشيء الذي تخاف منه لمدة 2-3 دقائق: وحاول التغلُّب على خوفك بالتدريج.[١٣]
  • أغمض عينيك وتخيل نفسك في مكان آمن وهادئ تحب التواجد فيه عند الشعور بالخوف: ثم دع المشاعر الإيجابية تهدئك، حتى يختفي القلق وتشعر بالاسترخاء.[١٤]
  • قدّر شجاعتك: ولا تسمح للخوف بمنعك من فعل الأشياء التي تحبها؛ ففي كل مرة تتغلب فيها على خوفك، تزداد قوتك وقدرتك على تجاوز المخاوف جميعها،[١٣] كما عليك مكافأة نفسك على ذلك.[١٤]
  • فكر دائمًا بالأشياء التي تشعر بالامتنان لوجودها في حياتك عند شعورك بالخوف: ويمكنك كتابتها والاطلاع عليها عندما تواجه ما يخيفك.[١٣]
  • تحدّث إلى شخصٍ تثق به: فوجود شخص يستمع لك، ويُقدِّر مشكلتك ويُبدي اهتمامًا حقيقيًا بما تعاني منه يُمكن أن يساعدك على مواجهة خوفك، وإذا كنتِ تجد التحدث عن الأمر صعبًا، جرب كتابة أفكارك ومخاوفك، فهذا يساعدك على فهمها بشكلٍ أفضل.[١٥]

المراجع

  1. "Phobias", mentalhealth, 31/7/2021, Retrieved 31/7/2021.
  2. ^ أ ب "Overview - Phobias", nhs, 31/7/2021, Retrieved 31/7/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ "The Different Treatment Options Available for Phobias"، verywellmind، 31/7/2021، اطّلع عليه بتاريخ 31/7/2021. Edited.
  4. ^ أ ب "Phobias"، healthline، 31/7/2021، اطّلع عليه بتاريخ 31/7/2021.
  5. ^ أ ب "Specific phobias", mayoclinic, 31/7/2021, Retrieved 31/7/2021. Edited.
  6. "All About Cognitive Behavioral Therapy (CBT)", psychcentral, 31/7/2021, Retrieved 31/7/2021.
  7. "Types of Therapy", ADAA, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  8. ^ أ ب "phobias", mind, 31/7/2021, Retrieved 31/7/2021. Edited.
  9. "Virtual Reality Exposure Therapy Can Help PTSD", verywell mind, Retrieved 15/8/2021. Edited.
  10. "Everything you need to know about phobias", medicalnewstoday, 31/7/2021, Retrieved 31/7/2021.
  11. "Everything you need to know about phobias"، medicalnewstoday، 31/7/2021، اطّلع عليه بتاريخ 31/7/2021.
  12. "Self-help - Phobias", nhs, 31/7/2021, Retrieved 31/7/2021.
  13. ^ أ ب ت "6 Tips To Overcoming Anxiety and Phobias"، psycom، 31/7/2021، اطّلع عليه بتاريخ 31/7/2021.
  14. ^ أ ب "Ten ways to fight your fears", nhsinform, 31/7/2021, Retrieved 31/7/2021.
  15. "Self-care tips for phobias", mind, 31/7/2021, Retrieved 31/7/2021. Edited.