هل شاهدت في الأفلام شخصًا ممسكًا البندول ويُحرّكه باستعراضٍ وكأنه يتمتّع بطاقةٍ خفية، وخلال ذلك تنبعث من عينيه طاقةٌ ما؟ هذا ما يُشار إليه بالتّنويم المغناطيسي، فماذا تعرف عنه؟


ما هو التنويم المغناطيسي؟

التنويم المغناطيسي (Hypnosis) هو أحد الأساليب العلاجية التي تساعد على شعور الشخص بالهدوء والاسترخاء، كما تساعده على التركيز، ويكون فيها أكثر انفتاحًا للاقتراحات، وبالتالي يمكن استخدامها للسيطرة على السلوكيات غير المرغوب فيها، أو لمساعدة الشخص على التعامل بشكل أفضل مع القلق أو الألم، وينطوي التنويم المغناطيسي على إيصال الشخص لحالة تشبه النشوة أو ما يشبه الغيبوبة يكون التركيز فيها أكبر من المعتاد،[١] ورغم أنّ التنويم المغناطيسي كان مثيرًا للجدل فيما مضى إلّا أن هناك اتفاقًا من معظم الأطباء على فعاليته كأسلوب علاجي لمجموعة واسعة من الاضطرابات والمشاكل الصحية، بما فيها القلق، والألم، واضطرابات المزاج، فضلًا عن مساهمته في تغيير بعض العادات السيئة مثل: التدخين.[٢]




على الرغم من ما يُشاع عن التنويم المغناطيسي في الأفلام والمسلسلات على أنّ التنويم المغناطيسي أشبه بعملية غسيل للدماغ، إلا أنّ هذا غير صحيح، فالشخص الخاضع للتنويم المغناطيسي لا يفقد السيطرة على سلوكه أثناء جلسة التنويم المغناطيسي، على الرغم من أنّه يكون في حالة أكثر انفتاحًا فيها للاقتراحات والإيحاءات المختلفة من المُعالج، وفي غالب الحالات يستطيع الشخص تذكُّر ما حدث خلال الجلسة، ويكون على وعي بما يحدث خلالها.



[١][٣]


أنواع التنويم المغناطيسي

هناك عدة طرق مختلفة للتنويم المغناطيسي، هي:[٤]

  • العلاج بالتنويم المغناطيسي: وهو يتضمن استخدام التنويم المغناطيسي من قبل مُعالج مختصّ؛ لعلاج بعض المشاكل الصحية النفسية، مثل: الاكتئاب، والقلق، واضطرابات الأكل، واضطراب ما بعد الصدمة.
  • التنويم المغناطيسي الموجّه: وهو ما ينطوي على الوصول إلى حالة التنويم المغناطيسي باستخدام أدوات مثل التعليمات المُسجلة، والموسيقى، ومن الممكن أن يكون هذا عن طريق المواقع الإلكترونية أو تطبيقات الهواتف الذكية.
  • التنويم المغناطيسي الذاتي: وفيه يقوم الشخص بنفسه بالوصول إلى حالة التنويم المغناطيسي، بهدف السيطرة على الألم، والتوتر الذي يعاني منه.


استخدامات التنويم المغناطيسي

تتعدد استخدامات وفوائد التنويم المغناطيسي، ومنها نذكر التالي:[٥][٦]

  • التقليل من التوتر والقلق: يساعد التنويم المغناطيسي الشخص على التعامل مع القلق والتوتر بطريقة أفضل، خاصةً القلق والتوتر الذي سيعاني منه قبل الخضوع لإجراء طبي، مثل: خزعة الثدي.
  • السيطرة على الألم: من الممكن أن يعالج التنويم المغناطيسي الألم الناتج عن الحروق، والسرطان، والولادة، والقولون العصبي، ومشاكل الأسنان، والصداع، والصداع النصفي، وغيرها.
  • التخفيف من الهبات الساخنة المرتبطة بانقطاع الطمث.
  • تغير السلوك: يمكن استخدامه في علاج التبول الليلي، والإفراط في تناول الطعام.
  • علاج مشاكل النوم: كالأرق، والكوابيس، والمشي أثناء النوم.
  • المساعدة على الإقلاع عن التدخين: خاصةً في حال تم دمجه مع العلاجات الأخرى.
  • التخفيف من الآثار الجانبية لعلاج السرطان: والتي تنتج عن العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي.
  • علاج بعض المشاكل النفسية: بما فيها القلق، والرهاب (الفوبيا)، واضطراب ما بعد الصدمة.


كيف يتم التنويم المغناطيسي؟

تبدأ جلسة التنويم المغناطيسي بمراجعة الأهداف المرجو تحقيقها من الخضوع لهذا النوع من العلاج، وبعدها يبدأ المعالج بالحديث بنبرة هادئة، وتكرار بعض الجمل، ووصف صور وتخيلات تساعد الشخص على الاسترخاء والشعور بالأمان، وبعدها يقترح المُعالج طرق تساعد على الوصول إلى الأهداف المرجوة، كما قد يساعد الشخص على تخيُّل نفسه وكأنّه حقَّق هذه الأهداف حقيقةً، ومع انتهاء الجلسة يتمكن الشخص نفسه من الخروج من حالة التنويم أو يقوم المعالج بمساعدته على ذلك.[١]


تاريخ التنويم المغناطيسي

تعود بداية التنويم المغناطيسي إلى القرن 18 مع الطبيب الألماني فرانز ميسمير (Franz Mesmer)، فهو الذي بدأ باستخدامه لعلاج المرضى في فيينا وباريس، لاعتقاده أن التنويم المغناطيسي يستخدم قوة غامضة تتدفق من خلال المنوم المغناطيسي إلى الشخص المُصاب، ورغم أنّه فقد مصداقيته ولم يؤخذ بكلامه، إلّا أنّ التنويم المغناطيسي أثار اهتمام بعض الأطباء، فاستخدموه حتى منتصف القرن 19 دون أن يعلموا ماهيته، وكان في ذلك الوقت يُعرَف باسم طريقة ميسمير، وفي ثمانينيات القرن التاسع عشر جذب التنويم المغناطيسي اهتمامًا علميًّا، وبدأ الطبيب الإنجليزي جيمس برايد (James Braid) بدراسة هذه الطريقة وأسماها التنويم المغناطيسي، وبعدها كتب بعض الأطباء أن التنويم المغناطيسي غير مرتبط بأي عمليات فسيولوجية أو قوى جسدية خارقة، إنمّا هو مزيج من الاستجابات النفسية لمجموعة من الاقتراحات التي تحدث خلال جلسة العلاج، وفيما بعد اسُتخدم التنويم المغناطيسي كعلاج نفسي للجنود الذين عانوا من مشاكل نفسية نتيجة خوضهم الحربين العالميتين الأولى والثانية، ليجري استخدام التنويم المغناطيس بعد ذلك في علاج بعض الأمراض، وقد بدأ الباحثون باقتراح نظريات عديدة لتفسير ماهية التنويم المغناطيسي، ولكن في الحقيقة حتى الآن لا توجد نظرية واضحة ومقبولة بهذا الشأن.[٧]


ما الذي يجعل الشخص سهل التنويم المغناطيسي؟

يعد وجود رغبة لدى الشخص بالخضوع للتنويم المغناطيسي سببًا لتسهيل وصوله لحالة النشوة في جلسة العلاج، وهذا يختلف من شخص إلى آخر، كما يوجد هناك العديد من العوامل الأخرى غير المعروفة بدقة إلى الآن والتي تجعل بعض الأشخاص من السهل تنويمهم مغناطيسيًا، وبعضهم لا يمكن تنويمه،[٨] فيجب الإشارة إلى أنّ التنويم المغناطيسي غير مناسب لجميع الأشخاص.[١]


هل يمكن أن يكون التنويم المغناطيسي خطيرا؟

بشكل عام لا، إذ إن التنويم المغناطيسي تحت إشراف معالج مختص ومدرب يعد آمنًا، فلا يمكن للمعالج إجبار الشخص على القيام بشيء محرج أو لا يريده، ولكن من الممكن أن يواجه الشخص بعض الآثار الجانبية في حالات نادرة، مثل:[٨][٣]

  • الصداع.
  • الدوخة والنعاس.
  • الشعور بالقلق أو الضيق.
  • نشأة ذكريات خاطئة، نتيجة اقتراحات أو أسئلة إرشادية غير مقصودة من قبل المُعالج.


من يقوم بالتنويم المغناطيسي؟

عادة ما يجرى التنويم المغناطيسي من قبل أخصائي مرخص ومعتمد، ومدرب بشكل خاص على هذه التقنية.[٣]


ماذا يحدث للدماغ أثناء التنويم المغناطيسي؟

وجد مجموعة من الباحثين في جامعة هارفارد أثناء إجراء التنويم المغناطيسي الموجه لحوالي 57 شخصًا مع تصوير أدمغتهم في ذات الوقت، أنّه خلال جلسة التنويم المغناطيسي يقل نشاط بعض المناطق في الدماغ، ممّا يسمح للشخص بزيادة التركيز، ويقلِّل من تشتته فيما يحيط به من عوامل، كما يزداد التواصل بين بعض أجزاء الدماغ، ممّا يساعد على معالجة ما يجري داخل الجسم والتحكّم فيه، في حين لوحظ انخفاض في الاتصال بين أجزاء أخرى، وهذا يقلِّل من الترابط بين سلوكيات الشخص الفعلية، ووعيه بهذه السلوكيات، وهذا يجعله أكثر انفتاحًا للاقتراحات.[٩]


التنويم المغناطيسي واسترجاع الذاكرة

لا يعد التنويم المغناطيسي طريقة موثوقة لاستعادة الذاكرة أو استخراج الذكريات الخفية وفق ما وجده الباحثون، رغم وجود اعتقاد شائع بهذا، ففي الحقيقة يميل الأشخاص الذين يخضعون للتنويم المغناطيسي للشعور بالثقة بأن ذكرياتهم دقيقة، على الرغم من أنّها في الحقيقة قد تكون ذكريات خاطئة ناشئة عن جلسة التنويم المغناطيسي نفسها.[١٠]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "Hypnosis", mayoclinic, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  2. "Hypnosis", apa, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت "Mental Health and Hypnosis"، webmd، اطّلع عليه بتاريخ 27/7/2021. Edited.
  4. "What Is Hypnosis?", verywellmind, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  5. "Hypnosis", paphosmedical, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  6. "Hypnosis: What is it, and does it work?", medicalnewstoday, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  7. "hypnosis", britannica, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  8. ^ أ ب "Hypnosis", psychologytoday, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  9. "Study identifies brain areas altered during hypnotic trances", med.stanford, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  10. "Hypnosis", hopkinsmedicine, Retrieved 27/7/2021. Edited.