تثير طبيعة مرض الاكتئاب (بالإنجليزية: Depression) العديد من التساؤلات بين الناس، خاصّةً فيما يتعلق بالعوامل التي من شأنها أن تسبب الإصابة به، إذ اعتبرت منظمة الصحة العالمية عام 2002 مرض الاكتئاب أحد الاضطرابات العقلية الشائعة، حيث يعاني أكثر من 264 مليون شخص من كافة الفئات العمرية من الاكتئاب في العالم،[١][٢] وبالرغم من ذلك، فإن التطورات الحديثة في الطب النفسي، وفهم طبيعة المرض في السنوات الأخيرة ساهمت في الحد من انتشار الاكتئاب بين الناس.[٣]




أسباب الاكتئاب

في الحقيقة لا يمكن معرفة الأسباب الكامنة وراء الإصابة بالاكتئاب بشكلٍ واضح، وذلك بسبب عدم إمكانية الإصابة بالاكتئاب بشكلٍ فوري نتيجةً للتعرض لحالة أو حدث مفاجئ، إنما يعدّ حالةً مرضية ناجمة عن تراكم العديد من العوامل، مثل: العوامل القديمة وطويلة المدى، وعوامل شخصية، والتعرض لبعض الأحداث مؤخرًا،[٤] وفيما يلي سنبين أبرز الأسباب التي تساهم في تطور مرض الاكتئاب.


الاختلافات البيولوجية

لوحظ أنه هناك بعض الاختلاف في طبيعة أدمغة الأشخاص الذين يصابون بالاكتئاب، وعلى الرغم من عدم معرفة تأثير هذه التغييرات في الاكتئاب بشكلٍ دقيق، إلا أنه من الممكن أن تساعد على تحديد بعض الأسباب التي تسببت بتطوّر مرض الاكتئاب.[٥]


اضطراب النواقل العصبية

يعتمد الدماغ على بعض المواد الكيميائية التي تُعرف بالنواقل العصبية مثل: الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine) والسيروتوينين (بالإنجليزية: Serotonin)، والنورإبينفرين (بالإنجليزية: Norepinephrine) في تواصل أجزائه المختلفة مع بعضها البعض، حيث تلعب هذه النواقل العصبية دورًا مهمًّا في تنظيم الحالة المزاجية، وقد يؤدي تغيُّر مستوياتها أو اختلال توازنها إلى ظهور أعراض الاكتئاب السريري.[٦]


اضطراب الهرمونات

يمكن أن يتسبب اضطراب توازن الهرمونات في الجسم بالإصابة بالاكتئاب، إذ من الممكن أن يتعرض الجسم لبعض هذه الاضطرابات نتيجةً لبعض مشاكل الغدة الدرقية، أو خلال الحمل، أو خلال الأسابيع أو الأشهر الأولى بعد الولادة، أو بعد انقطاع الطمث، أو حالات أخرى.[٥]


العوامل الوراثية

أظهرت بعض الدراسات أنه من الممكن أن تلعب بعض العوامل الجينية دورًا بالإصابة في الاكتئاب، ما يرفع من احتمال إصابة الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بالمرض، بالإضافة إلى احتمال تأثر الأشخاص غير المصابين ببعض السلوكات المضطربة للأشخاص المصابين في العائلة، ما قد يتسبب باكتساب هذه الصفات أو السلوكيات لاحقًا.[٧]


الإصابة بأمراض أخرى

قد تتسبب الإصابة ببعض الأمراض الأخرى، وخصوصاً المزمنة، مثل: السكري، أو السرطان، أو مرض باركنسون، بالإصابة ببعض التغيرات المزاجية أو الاكتئاب، إذ تشكل الإصابة بالأمراض واستخدام بعض الأدوية السبب للإصابة بالاكتئاب لحوالي 10% إلى 15% من حالات الإصابة بالاكتئاب.[٨][٩]


الاضطرابات النفسية

يمكن للإصابة ببعض الاضطرابات النفسية الأخرى، مثل: القلق، أو اضطرابات الأكل، أو اضطرابات ما بعد التعرض لصدمة بأن تتسبب بالإصابة بالاكتئاب.[٧]


استخدام بعض أنواع الأدوية

يمكن لاستخدام بعض أنواع الأدوية أن يلعب دورًا في الإصابة ببعض التقلبات المزاجية أو الاكتئاب في بعض الأحيان، مثل الأدوية التالية:[٢]

  • الأدوية المستخدمة لحل مشاكل القلق والنوم: مثل: البنزوديازيبينات الذي يتواجد بالصيدليات باسم فاليوم (Valium).
  • الأدوية المستخدمة لعلاج حب الشباب: مثل الإيزوتريتينوين المتواجد بالصيدليات باسم روؤكتان (Roaccutan).
  • بعض الأدوية المستخدمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم.
  • أدوية الأفيونات المسكنة للألم: مثل: الكودايين والمورفين، المتوفرين في الصيدليات بنفس الاسم العلمي.
  • الكورتيزون.


العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب

تؤثر العوامل التالية في زيادة احتمال التعرض لخطر الإصابة بالاكتئاب:[١٠][٢]

  • نمط الشخصية: حيث يعدّ الأشخاص الذين يعانون من سرعة التوتر، أو تدنّي احترام الذات، أو التشاؤم، أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
  • العوامل البيئية: حيث يزيد تعرُّض الأشخاص إلى العنف المستمر، أو الإهمال، أو الفقر، أو سوء المعاملة، أو البطالة طويلة الأمد، أو العلاقات الاجتماعية السيئة، أو الوحدة والعزلة لمدة طويلة، من خطر الإصابة بالاكتئاب.
  • العمر: يعدُّ كبار السن أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
  • الجنس: حيث تساهم التغيرات الهرمونية الكبيرة التي تتعرض لها النساء خلال فترة حياتهنّ في زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب بمقدار الضعف مقارنة بالرجال.
  • تعاطي المخدرات أو الكحول: يعد تعاطي الكحول أو المخدرات أحد العوامل المسببة للإصابة بالاكتئاب.[٤]


كيف يمكن الوقاية من الإصابة بالاكتئاب؟

بالرغم من عدم وجود طريقة مؤكدة للوقاية من الإصابة بالاكتئاب، إلا أنه من الممكن أن يساعد اتباع الاستراتيجيات والتدابير التالية على تحسين المزاج والحالة النفسية:[٥]

  • السيطرة على التوتُّر، وتعزيز الثقة بالنفس، واحترام الذات.
  • التواصل مع العائلة والأصدقاء، خاصة في الظروف الصعبة.
  • الحرص على تشخيص وعلاج أي من أعراض الاكتئاب فور ظهورها، وذلك لمنع تدهور الحالة.
  • الحرص على تأمين أساليب علاجية وتغييرات حياتية طويلة الأمد لتجنب عودة الأعراض أو تفاقمها.



المراجع

  1. "Depression", who, 30/1/2020, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت "Causes of Depression", webmd, 8/3/2021, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  3. "Prevalence of Depression in the Community from 30 Countries between 1994 and 2014", Scientific Reports, 12/2/2018, Page 2861. Edited.
  4. ^ أ ب "What causes depression?", beyondblue, Retrieved 12/6/2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت "Depression (major depressive disorder)", mayoclinic, 3/2/2018, Retrieved 12/6/2021. Edited.
  6. "Causes and Risk Factors of Depression", verywellmind, 21/3/2020, Retrieved 12/6/2021. Edited.
  7. ^ أ ب "Depression", mind, 3/2019, Retrieved 12/6/2021. Edited.
  8. "What causes depression?", health.harvard, 24/6/2019, Retrieved 12/6/2021. Edited.
  9. "Depression", my.clevelandclinic, 31/12/2020, Retrieved 12/6/2021. Edited.
  10. "What Is Depression?", psychiatry, 10/2020, Retrieved 12/6/2021. Edited.