يعاني الجميع من تقلّبات مزاجية بين الحين والآخر كنتيجةٍ طبيعية لما يعيشه الإنسان، ولكن ما يحدث عند مرضى اضطراب ثنائي القطب هو تغيير سريع وملحوظ في المزاج يستمرّ لفتراتٍ زمنية طويلة وينتج عنه مشاكل مختلفة،[١] فما المقصود باضطراب ثنائي القطب؟ وما هي أعراضه؟ وما أسباب حدوثه؟ وكيف يمكن علاجه؟ جميع هذه التساؤلات تجد إجابتها في المقال أدناه.

ما هو اضطراب ثنائي القطب؟

اضطراب ثنائي القطب هو اضطراب نفسي ينتج عنه تغيّرات كبيرة في المزاج وأكثر حدّة مما ينتج عن التغيّرات المزاجية العادية، وانخفاض الطاقة والتّركيز، وضعف القدرة على القيام بالأنشطة المختلفة والمهامّ اليومية، كان يشار إليه سابقاً باسم الاكتئاب الهوسي،[٢][٣] ويعاني المصابون باضطراب ثنائي القطب من نوباتٍ مزاجية وتغيّراتٍ عاطفية تحدث على فتراتٍ مختلفة تتراوح ما بين أيامٍ عدّة وحتى أسابيع، تتمثّل هذه النوبات المزاجية بمشاعر سعادةٍ عارمة، أو مشاعر حزنٍ واكتئابٍ شديد، لكن هذا لا يعني أنهم لا يعيشون فترات من استقرار المزاج في بعض الأوقات.[٤]


أنواع اضطراب ثنائي القطب

هناك مجموعة من الأعراض والعلامات التي تظهر على الشّخص، والتي يقوم الأطباء النفسيين بفحصها للوصول إلى تصنيف اضطراب ثنائي القطب، ومن أنواع اضطراب ثنائي القطب التي من المُحتمَل مواجهتها:[٥]

  • اضطراب ثنائي القطب النوع الأول: يتمثل هذا النوع بوجود حالاتٍ من الهوس الحاد لفترات زمنية محددة لا تقلّ عن 7 أيام، أو قد يستدعي دخول المستشفى، وقد يرافق حالات الهوس هذه الاكتئاب، لكنه ليس شرطًا أساسيًا لتشخيص اضطراب ثنائي القطب النوع الأول.
  • اضطراب ثنائي القطب النوع الثاني: يتطلب تشخيص النوع الثاني من اضطراب ثنائي القطب دخول المريض بحالة اكتئابٍ حادّ إلى جانب حالةٍ خفيفة من الهوس.
  • اضطراب المزاج الدوري: يتطلّب تشخيص الاضطراب الدوري ظهور المريض بحالة الهوس الخفيف والاكتئاب غير الحادّ لمدة زمنية لا تقلّ عن سنتين، وقد يمرّ المريض خلال هذه الفترة بحالة من الهدوء والاستقرار المزاجي، لكن هذه الفترات تستمرّ لأقلّ من ثمانية أسابيع.
  • اضطراب ثنائي القطب غير المحدد: يتم تشخيص هذا النوع في حالة وجود أعراض لا تنطبق على أي من صفات الأنواع السابقة، لكن مع وجود لحظات تغيّر واختلافٍ حاد وملحوظٍ في المزاج.



يشير مصطلح الهوس في اضطراب ثنائي القطب على التغير المزاجي، والمتمثّل بوجود حالات من السّعادة والانفعال الشديد، والتي تكون نتيجة تخيّل أمورٍ غير موجودة أو البوح بكلامٍ لم يحدث.




أعراض اضطراب ثنائي القطب

تختلف الأعراض والعلامات المُرافقة لاضطراب ثنائي القطب من شخصٍ لآخر في نوعها، وشدّتها، وعدد مرات حدوثها، فهناك من يعاني من أعراض اضطراب ثنائي القطب بشكل مستمرّ ودوري، ومنهم من يعاني من الأعراض بشكلٍ قليل، ويتم تقسيم أعراض اضطراب ثنائي القطب إلى أعراض متعلقة بالهوس وأخرى بالاكتئاب، ويمكن تفصيلها على النحو الآتي:[١][٦]


أعراض الهوس

  • فترات من المزاج العالي، والثقة العالية بالنفس، إلى جانب التفاؤل المبالغ فيه.
  • التصرّف بعدوانية، والانفعال الشّديد والسّريع.
  • قلّة عدد ساعات النوم.
  • تعظيم الذات، أو التّفكير بأفكارٍ دنيئة.
  • الحديث والتّفكير بسرعة عالية وتشتت الأفكار.
  • الاندفاع وسوء الحكم على الآخرين.
  • تخيّل أو رؤية أشياء غير موجودة، أو تأليف قصصٍ خيالية.


أعراض الاكتئاب

  • الشّعور بالحزن لفتراتٍ طويلة، والبكاء من دون سببٍ يُذكَر.
  • تغيير في ساعات النوم، وشهية تناول الطعام.
  • التوتر، والقلق، والعصبية.
  • اللامبالاة، والتهرّب الاجتماعي وعدم القدرة على المجاملة الاجتماعية.
  • الشّعور بالتّعب المستمرّ وفقدان الطاقة.
  • الشّعور بالذّنب وتحقير الذات.
  • التردد المستمرّ، وفقدان القدرة على التّركيز.
  • الشّعور بالألم غير المفسّر، والتفكير بالانتحار من غير مبرّرات.




تختلف المدة الزمنية لنوبات الهوس عند البالغين عمّا هي عند الأطفال، حيث تتراوح من أيامٍ لأسابيع، ويمكن أن تصل لأشهر عند البالغين في حين أنها تكون أقلّ عند الأطفال والمراهقين.



[٧]


أسباب الإصابة باضطراب ثنائي القطب

مازال السّبب الرئيسي وراء الإصابة باضطراب ثنائي القطب غير معروفٍ حتى الآن، ولكن استطاع الباحثين في المجال من التّوصل إلى مجموعة من العوامل التي تزيد من فرصة الإصابة باضطراب ثنائي القطب، ومنها:[٨]

  • العوامل الوراثية: في حال كان هناك أحد أفراد العائلة مصابًا باضطراب ثنائي القطب فإن ذلك سيزيد من فرصة الإصابة به لدى الأفراد الآخرين.
  • التغيرات الكيميائية في الدماغ: يؤثر اختلال توازن النواقل العصبية في الدماغ في احتمالية الإصابة بالاكتئاب أو الهوس، والذي من شأنه أن يزيد احتمالية الإصابة باضطراب ثنائي القطب.
  • التعرّض للصدمات خلال مرحلة الطّفولة: كالإهمال، أو العنف بكافّة أشكاله.
  • ضغوطات الحياة: المتمثّلة بالمشاكل في العلاقات الاجتماعية أو المشاكل المالية.


تشخيص اضطراب ثنائي القطب

للتمكّن من تشخيص اضطراب ثنائي القطب، يتضمّن إجراء التقييم من قِبَل الطبيب ما يلي:[٩]

  • الفحص الجسدي: يقوم الطبيب المُشرِف على الحالة بإجراء الفحص السريري للمريض لتقييم العلامات والأعراض المُحتمَل ظهورها عليه، إلى جانب طلب مجموعةٍ من التحاليل لاستبعاد أيّ أمراضٍ أخرى مُشابهة في أعراضها لاضطراب ثنائي القطب.
  • التقييم النفسي: في حال اشتباه الطبيب بوجود علامات وأعراض اضطراب ثنائي القطب، سيُحيل المريض إلى الطبيب النفسي لتقييم الحالة، وذلك من خلال الجلوس مع المريض والتحدث عن معتقداته وأفكاره، إلى جانب العلامات والأعراض التي يعاني منها.
  • مخطّط الحالة المزاجية للمريض: سيطلب الطبيب من المريض تسجيل التقلّبات المزاجية خلال اليوم، وأسلوب ودورة نومه، وتأثّره بالأعراض والعلامات للوصول إلى التشخيص النهائي.
  • معايير تشخيص اضطراب ثنائي القطب: سيُقارن الطبيب المُشرِف على الحالة الأعراض التي يعاني منها المريض، مع جدول المعايير الخاصّ بتشخيص اضطراب ثنائي القطب الموجود في الدليل التّشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5) بهدف الوصول إلى التشخيص المُناسب.


طرق علاج اضطراب ثنائي القطب

يمكن للعلاج المُستخدَم في حالات اضطراب ثنائي القطب التغلّب على جميع الأعراض والعلامات لحالات اضطراب ثنائي القطب الحادة، وتمكين المريض من عيش حياة مستقرة، ويتضمّن العلاج في حالات اضطراب ثنائي القطب العلاج النفسي والعلاج الدوائي،[١٠] واللذان نوضّحهما بشيءٍ من التّفصيل:

  • العلاج الدوائي: يمكن للعلاج الدوائي والعقاقير المناسبة السّيطرة على الأعراض والعلامات الناتجة عنه، فقد يلجأ الطّبيب المُشرِف على الحالة إلى استخدام العديد من الأدوية بهدف الوصول إلى الدواء الذي سيحقق أفضل استجابةٍ لدى المريض، مثل مثبّتات المزاج ومضادات الاختلاج أو مضادات الذهان أو مضادات الاكتئاب، أو الليثيوم، إلى جانب العلاج النفسي، كما أنه يجب المواظبة على استخدام الدواء باستمرار وعدم التوقف عن تناوله دون استشارة الطبيب.[١١][١٢]
  • العلاج النفسي: يتمثّل بالحديث مع المريض، من أجل التخلّص من الأفكار والمشاعر السلبية التي تسيطر عليه، وتقييم بوادر العلامات والأعراض قبل ظهورها، والتدريب على تجنّب محفّزات الاضطراب ثنائي القطب.[١٣]
  • العلاج بالصدمات الكهربائية: في حالات عدم الاستجابة للعلاج الدوائي، والنفسي، أو في الحالات الشّديدة من اضطراب ثنائي القطب، وحين تكون الحاجة ملحّة إلى العلاج في أسرع وقتٍ ممكن بسبب وجود أفكار سوداوية عند المريض، والتي تشكّل خطراً على المريض نفسه والمجتمع من حوله، سيتم اللجوء إلى العلاج بالصّدمات الكهربائية لتحفيز خلايا الدماغ، وتخفيف حدّة الأعراض والعلامات بسرعةٍ أكبر مما هو عليه في العلاج الدوائي والنفسي.[١٤]
  • تغيير أسلوب الحياة: يعدّ من أهمّ الطرق المتبعة والفعالة في علاج اضطراب ثنائي القطب والتغلّب على الأعراض النّاتجة عنه، وذلك يكون باتباع نظام نومٍ صحي، وأخذ قسط وافٍ من النوم، وتجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين والكحول وممارسة الأنشطة التي تحسّن المزاج عند المريض مثل التأمل، والنشاطات الذهنية والعقلية.[١٥]


هل يمكن الوقاية من اضطراب ثنائي القطب؟

لا يوجد حتى الآن أيّ طريقةٍ محددة تُساهِم في التقليل من الإصابة باضطراب ثنائي القطب، لكن الالتزام التام بالعلاج الدوائي والنفسي، واستراتجيات العلاج التي يحددها الطبيب سيُحقق نجاحًا كبيرًا في السّيطرة على المرض وأعراضه، إلى جانب ضرورة التنبّه في حالات وجود اضطراب ثنائي القطب بين أفراد العائلة، فعند ظهور أيّ من الأعراض والعلامات سابقة الذّكر تجب مراجعة الطبيب في أسرع وقتٍ ممكن، فضلاً عن ضرورة الابتعاد عن المحفّزات والعوامل التي تزيد فرصة المُصاب باضطراب القطب من الدخول بنوبات الهوس أو الاكتئاب.[١٦]


هل يتأثر مرض اضطراب ثنائي القطب بالعمر؟

نعم. من المُمكن أن يزداد سوء أعراض اضطراب ثنائي القطب مع التقدّم في العمر، أو في حال لم يُعالَج هذا الاضطراب مع مرور الوقت، مما سيعرّض المُصاب إلى نوباتٍ مَرَضية أكثر حدّة وتكرارًا مما كانت عليه أول مرة.[١٧]


هل يستطيع مريض اضطراب ثنائي القطب العيش بدون الأدوية؟

لا. لن يكون باستطاعة الشّخص المُصاب باضطراب ثنائي القطب العيش بدون أدوية، إذ على المريض الاستمرار بتناول الأدوية المخصّصة له، إلى جانب الالتزام بالتّوجيهات والتّوصيات الصّادرة عن الطبيب، ومن المُحتمَل أن يتسبب ترك العلاج في حدوث نوباتٍ مزاجية غير اعتيادية، تتناوب ما بين الهوس والاكتئاب.[١٢]

المراجع

  1. ^ أ ب "Bipolar Disorder Signs and Symptoms", helpguide, Retrieved 23\6\2021. Edited.
  2. "Bipolar Disorder", nih, Retrieved 23\6\2021. Edited.
  3. "What to know about bipolar disorder", medicalnewstoday, Retrieved 23\6\2021. Edited.
  4. "What Is Bipolar Disorder?", psychiatry, Retrieved 23\6\2021. Edited.
  5. "Bipolar-Disorder", nami, Retrieved 23\6\2021. Edited.
  6. "Diagnosis and Symptoms", www.dbsalliance.org, Retrieved 16/7/2021. Edited.
  7. "Bipolar Disorder", kidshealth.org, Retrieved 16/7/2021. Edited.
  8. unknown (0\0\0), "Bipolar disorder", mentalhealth, Retrieved 23\6\2021. Edited.
  9. "Bipolar disorder", mayoclinic, Retrieved 23\6\2021. Edited.
  10. unknown (0\0\0), "bipolar disorder", medline plus, Retrieved 23\6\2021.
  11. ^ أ ب "Is there a cure for bipolar disorder?", www.medicalnewstoday.com, Retrieved 17/7/2021. Edited.
  12. "Bipolar Disorder", bipolar-disorder, Retrieved 23\6\2021. Edited.
  13. "Bipolar disorder", health direct, Retrieved 23\6\2021. Edited.
  14. "Do the Symptoms of Bipolar Get Worse with Age?", www.clearviewwomenscenter.com, Retrieved 17/7/2021. Edited.