لا شك بأنّ امتلاك الشخص شريكًا ذا شخصية حدية يشكّل تحديًا مختلفًا بالنسبة له، سواءً إن اكتشف ذلك بصورةٍ مفاجئة أو عند معرفته السّابقة بذلك،[١] وذلك لأن اضطراب الشّخصية الحدّية يصعُب تشخيصه بحيث لا يمكن ملاحظة الفرق بين ردّات فعل الشخص تجاه مواقف الحياة اليومية وأعراض وجود اضطراب الشخصية الحدية.[٢]


الشخصية الحدية والزواج

يواجه الأشخاص الذين يمتلكون شخصيةً حدية صعوباتٍ كبيرة في علاقاتهم مع الناس بشكل عام ومع المقرّبين منهم بشكل خاص، فيشعر المقرّبون منهم دائمًا بالضعف وقلة الحيلة تجاه انعدام التوازن في تلك العلاقة، وذلك بسبب تقلّبات مزاجهم بصورةٍ غريبة وتعرّضهم لنوبات من الغضب، إلى جانب تخوّف أصحاب الشخصية الحدية الشديد من التعرّض للهجران الذي يدفعهم لممارسة العديد من السلوكيات العدائية وغير المنطقية.[٣]


هل يمكن نجاح الزواج من شريك يعاني من الشخصية الحدية؟

نعم. من الممكن أن يكون الزواج بين شخصين يمتلك أحدهما أو كلامها شخصيةً حدية أمرًا مليئًا بالصّراع والاضطرابات، لكنّ نسبة نجاح هذا الزواج لا تقاس بذلك بل بمقارنة نسبة الطلاق بين الأزواج الحديين ومثيلتها عند الأشخاص من غير الشّخصيات الحدية؛ وبناءً على الملاحظات وُجِد أنّ معدل الطلاق في إحدى الدول بين الأشخاص أصحاب الشخصية الحدية بعمر 40 عامًا بلغ حوالي 35%، وهي نسبةٌ مقاربة لمعدلات الطلاق بين الأشخاص الذين لا يتّصفون بالشّخصية الحدية، كما لُوحِظَ أنّ الأشخاص الذين خضعوا للعلاج وتعافوا من الشخصية الحدية هم أكثر قابلية للزواج والإنجاب من الذين لم يتعافوا منها، ومن ناحيةٍ أخرى فإنّ أصحاب الشخصية الحدية تقلّ احتمالية تكرار تجربة الزواج عندهم بعد مرورهم بمرحلة الطلاق مقارنةً بغيرهم من الأشخاص.[٤]


ما صفات الشخصية الحدّية؟

تتمتّع الشخصية الحدّية بجانبٍ يكون من الصّعب التعامل معه، إلا أنها تمتلك جانبًا محببًا آخر مليء بالعطف والحنان عند غياب نوبات الغضب، وعند رؤية الشريك لهذا الجانب فإنه يتمسك بالشخصية الحدية ويأمل تعافيها وبقائها دائمًا على هذه الحال.[٥]


كيف يمكن التعامل مع الشريك المصاب باضطراب الشخصية الحدية؟

يُوصَى باتباع النصائح التالية لمساعدة الشريك على التعامل مع الشخصية الحدية:

  • القراءة المستمرة عن كل ما يتعلّق بالشخصية الحدية وكيفية التعامل معها: فهذا يزيد من فهمك لمشكلة الشخصية الحدية ويقلل من شعورها بالخجل تجاه تصرّفاتها أمامك، بالتالي يزيد تعاطفك معها خاصًة عند معرفتك أنّ هذا الإصابة بهذا الاضطراب ليس خيارًا متاحًا أمامها.[٦]
  • اللجوء إلى الطبيب أو المعالج النفسي أو كلاهما: للحصول على المساعدة اللازمة لتحسين نوعية العلاقة بين الشريكين وتحسين أساليب التواصل بينهما.[٦]
  • التمرين المستمر على التواصل الصحي مع الشريك: وذلك بالانتباه إلى الكلمات الصّادرة منك حتى لا تؤذي الشخصية الحدية وتُشعِرها بعدم الاهتمام دون قصد، كما عليك بذل جهدك في الاستماع جيدًا لمشاعر الشخصية الحدية والتفاعل معها بشكل إيجابي.[٦]
  • تجنب الحديث مع الشخصية الحدية أثناء نوبات الغضب الشديدة: والتي تزيد من حساسيتها للمواضيع الحياتية، والتحدث معها حينما تهدأ.[٦]
  • تعلّم التحكّم والسيطرة على الضغط النفسي: فوجود القلق والغضب كردات فعل على تصرفات الشخصية الحدية سيساهم فقط في زيادة المشاكل.[٣]
  • الابتعاد عن التحدث عن اضطراب الشخصية الحدية: والتحدث بمواضيع أخرى لا علاقة لها بذلك.[٣]
  • لا تنسى الاهتمام بنفسك أولًا: ليس عليك أن تضحي بنفسك وتؤذيها لإحداث التقدّم في علاقتك مع الشخصية الحدية، لذلك عليك الموازنة بين مساعدتها ومساعدة نفسك.[٧]




يؤثر ارتباط الشخصية الحدية بشريك ذا شخصية مستقرة على مشاعر الشخصية الحدية الحساسة وعلى العلاقة بشكل إيجابي، ويحتاج ذلك إلى جهدٍ كبير من كلا الطّرفين للوصول إلى علاقةٍ زوجية صحية طويلة الأمد.


[٨]


هل يوجد علاج نهائي للشخصية الحدّية؟

لا يوجد حلّ سحري للتغيير من الشخصية الحدية، لكن مع اتباع العلاج النفسي والدعم المناسب يمكن لأصحاب الشخصية الحدية تحسين نوعية علاقاتهم، لتصبح أكثر تقدّمًا واستقرارًا، كما يمكن للشريك أن يساهم في السيطرة على ردود أفعاله تجاه تصرفات الشخصية الحدية ووضع حدودٍ ثابتة للتعامل معها وتطوير وسائل التواصل بينهما، ويُظهِر من يتمكنون من ذلك تحسنًا كبيرًا بوقتٍ أقلّ من الوقت الذي يستغرقه أولئك الذين تكون علاقاتهم فوضوية ومشوشة، وفي النهاية لا يعدّ امتلاك شريكًا ذا شخصية حدية أمرًا ميؤوسًا منه، إذ يمكن تحسين نوعية حياته وعلاقاته مع الآخرين حتى عند عدم جاهزيته للتعامل مع المشكلة وعلاجها.[٣]


هل يمكن التعافي من أعراض الشخصية الحدية؟

نعم. لكن يعني التعافي من هذا النوع من الاضطرابات معنًى مختلفًا عن التعافي من الأمراض الجسدية، فلا يعني التعافي من اضطراب الشخصية الحدية اختفاء أعراضها بشكل كلي عن المصاب بل يعني عدم حاجته إلى استخدام الأدوية وإلى العلاج النفسي، كما يعني قدرته على ممارسة وظائفه اليومية بشكل طبيعي عند مقارنته بالأشخاص غير المُصابين بهذا الاضطراب، فتقلّ تصرفاته الانفعالية وتعرّضه لنوبات الغضب، وبالطبع من الممكن أن يتعرض المريض لانتكاسة بعد تعافيه، لكنه سيتعافى بشكلٍ أسرع هذه المرة على الأغلب وذلك لأنّ من حوله سيكونون أكثر جاهزيةً للتعامل مع المشكلة.[٢]

المراجع

  1. "My Spouse has Borderline Personality Disorder!", recovery, Retrieved 19/8/2021. Edited.
  2. ^ أ ب "When Your Loved One Has Borderline Personality Disorder", psycom, Retrieved 19/8/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث "Helping Someone with Borderline Personality Disorder", helpguide, Retrieved 19/8/2021. Edited.
  4. "Marriage and Borderline Personality Disorder", verywellmind, Retrieved 19/9/2021. Edited.
  5. "What to Do if Your Spouse Has Borderline Personality Disorder", mccaberussell, Retrieved 19/8/2021. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث "How to Cope When a Partner or Spouse Has Borderline Personality Disorder", everydayhealth, Retrieved 19/8/2021. Edited.
  7. "What to Do When You Love Someone With Borderline Personality Disorder", webmd, Retrieved 19/8/2021. Edited.
  8. "What You Need to Know About Borderline Personality Disorder and Relationships", healthline, Retrieved 19/8/2021. Edited.