الشخصية العنيدة في علم النفس

جميعنا لدينا ذاك الشخص الذي يتّصف بالعناد الشّديد وتشبّثه الكبير برأيه، فهو يؤمِن بمعتقداته وأفكاره بطريقةٍ غير قابلة للشك، وغالبا ما يرفض أيّ نقاش منطقي بحجّة أنّه يفعل ذلك وبالطريقة نفسها دائمًا، وبذلك يواجه المجتمع المحيط بالشّخص العنيد صعوبة في التعامل معه والإحباط المستمر بسبب محاولات الإقناع الفاشلة، وفي هذا المقال سنتكلّم عن سمات الشخصيّة العنيدة وكيفيّة التعامل معها أيضًا.^[١]

الشخصية العنيدة في علم النفس

يعرّف الشخص العنيد على أنه الشخص الذي يرفض تغيير رأيه أو أفعاله بشكلٍ قطعي، حتّى وإن تمّ إثبات خطأ وعدم صواب رأيه بطريقة منطقيّة وبوجود الأسباب، بالإضافة لذلك فإنّ الشّخص العنيد عادةً ما يفضّل إحاطة نفسه بالأشخاص اللّذين يشبهونه بأفكارهم وأسلوبهم، ويوافقونه الرّأي دائمًا، كما يشعر بالخطر عند وجوده مع أشخاص لهم أيّ رأيٍ مخالفٍ له، ومع ذلك كلّه، فإنّ المشكلة الحقيقيّة تكمن بإيمان هذا الشّخص بأفكاره فهو يتماشى معها كليًّا.^[٢][٣]

صفات الشخصيّة العنيدة

يوجد العديد من السّمات التي تحدّد كون الشّخص عنيدًا أم غير ذلك، وفيما يأتي ذكر لبعض منها:^[٤][٣]

• اعتبار أفكاره صحيحة دائماً: حيث إنّ كل الأفكار والمعتقدات تحمل لونين فقط إمّا الأبيض أو الأسود، وذلك أمرٌ غير قابل للتغيير.
• إثبات وجهة نظره للآخرين: بالإضافة لتفضيل الشّخص العنيد إثبات وجهة نظره للآخرين، فهو يستمتع بإثبات خطأ الآخرين أيضًا.
• إثبات الذّات: قد يقوم الشّخص العنيد بفعل الكثير من الأمور والأعمال، وذلك لإثبات قدرته على فعلها وتغيير معتقدات الآخرين حوله.
• الخوف من التغيير: حيث يواجه الشّخص العنيد مخاوف كبيرة من تغيير أسلوب حياته كالأفكار والرّوتين مثلًا، كما أنّه قد يعتبر ذلك خطرًا على حياته.
• صعوبة النسيان والتغاضي: يميل الشّخص العنيد إلى صعوبة نسيان الألم، وتجاوزه، والشّعور بالحقد والاستياء لفترة طويلة مقارنة بالأشخاص الأسوياء عاطفيًّا.
• الجدال حول كل شيء: كما تفوق مصطلحات الرّفض لديه مصطلحات الموافقة، حيث يميل الأشخاص العنيدون لكونهم منغلقين جدًا لأفكارهم، ولا يرحّبون بأيّة أفكار جديدة.
• الحكم والتنمّر على الآخرين: يُعتبر الشّخص العنيد كثير الحكم على الآخرين وعلى حياتهم، بالإضافة لذلك قد يكون العنيد شخصًا متنمّرًا أيضًا، وذلك في سبيل الوصول لغاياته وأهدافه.
• تجنّب المعتقدات التي تتعارض مع أفكاره: إذ يتجنّب الشّخص العنيد قراءة الأخبار والمصادر التي تتعارض مع أفكاره، كما يحاول دائمًا متابعة ما يعزّز من أفكاره وصحّتها.

يختلف الشخص العنيد عن المتعجرف في علم النفس، لمعرفة المزيد عن الشخص المتعجرف انقر هنا.

عوامل تحفز الشّخصية العنيدة

بدايةً يجدر التنبيه إلى أنّ الشخصيّة العنيدة لا تتصرف بعنادٍ طوال الوقت، إنّما قد تحدث مواقف وأمورٍ معيّنة قد تدفعها للتصرّف بهذا الشّكل، بالإضافة لذلك فإنّ الدّافع الرّئيسي لأيّ تصرّفٍ بغض النّظر عن شخصيّته يعود لأمرين اثنين هما إما الحصول على مكافأةٍ، وإما لدفع ضرر قد يحصل، وفيما يأتي تفصيل للعوامل التي تجعل الشّخص عنيدًا:^[٥]

• الحصول على مكافأة: قد يستخدم الشّخص عناده في سبيل الحصول على مكافأةٍ ما، وغالبًا ما يستخدم الأطفال هذه الطّريقة بكثرة، وذلك لجعل الوالدين يمتثلون لأوامرهم.
• دفع الضرر: يشعر الشخص العنيد بالتماشي التّام والكامل مع أفكاره، وأنّ وجود أيّ أفكارٍ مخالفة له قد تهدد من وجوده وهويّته، لذلك يكون عناده في سبيل الدّفاع عن ضررٍ حاصل وهو فقدانه لهويّته بحسب رأيه.
• مشاعر عداءٍ مخفيّة: قد يتصرّف الإنسان بعنادٍ مع شخصٍ بعينه، وذلك في سبيل إزعاجه، بسبب مشاحناتٍ قد حصلت بينهم في السّابق.

نصائح للتعامل مع الشّخص العنيد

قد يكون من الصّعب التعامل والحديث مع الشّخص العنيد، ولكن يوجد العديد من الطّرق للتعامل معه وتغيير أسلوبه العنيد أيضًا، وذلك في حال معرفة سبب عناده ووجهة نظر، وذلك من خلال عدّة طرقٍ نذكرها هنا:^[٥][٦]

• خُذ استراحة من الجدال غير المفيد، وقاوم رغبة الجدال في داخلك وحاول التحكّم في انفعالاتك عند الحديث معه.
• اختر كلماتك ومواقفك بعناية، بدلًا من الدخول في جدال وصراخ بلا فائدة.
• اختر الوقت والمكان المناسبين للحديث عن ما تريد، ومن الأفضل الحديث وجهًا لوجه وبصدق.
• لا تتسرّع في تغييره، حيث يمتاز الشّخص العنيد بالذّكاء، وصنع القرار عمومًا.
• تحلى بالصبر، فقد يحتاج التعامل مع الشّخص العنيد كثيرًا من الصبر والجهد لذلك سيكون من الجيد أخذ استراحة ونفسٍ عميقٍ بين الحين والآخر.
• قدم القليل من الإطراء للشخص العنيد، وذلك حتى يشعر بالرضا عن نفسه، وبالتالي تستطيع أن تكسب وده.^[٧]
• احرص على تقدير آراء الشخص العنيد، أو حتى أظهر ذلك، حيث إن ذلك يشجع الشخص العنيد إلى الاستماع إليك والأخذ بنصيحتك.^[٧]
• تجنب إخباره بأنه مخطئ، وليس على حق.^[٧]

لقراءة المزيد عن كيفية التعامل مع الشخص العنيد، انقر هنا.

هل يمكن أن يكون العناد إيجابيًّا؟

نعم، يمكن للعناد أن يكون إيجابيًا، وذلك من خلال المثابرة الجادّة حول القضايا المهمة للشخص والدفاع عن حقوقه مثلاً، فقد يكون العناد في حالاتٍ كهذه إيجابيًّا، بالإضافة لذلك تشير دراسة أجريت في جامعتي كاليفورنيا وجامعة روما إلى أنّ الميل إلى المثابرة والنّظرة الإيجابيّة للحياة قد يساعد على عيش حياة أفضل، كما قد يخفّف من القلق الناتج عن نظرة الأشخاص للشّخص العنيد أيضًا.^[٣]