قد يشعر بعض الأشخاص بالتوتر والانزعاج الشديد عند تواجدهم داخل الغرف المزدحمة، أو المصعد، وفي بعض الأحيان يكون هذا الشعور مؤشراً على إصابتهم بحالة نفسية تُعرف بفوبيا الأماكن الضيقة، وقد أشارت إحدى الدّراسات التي نشرتها مجلة StatPearls في بداية عام 2021 إلى أنّ حوالي 12.5% من الأشخاص مصابون بهذا النوع من الفوبيا، كما أنّها تشيع لدى الإناث بنسبة أعلى من الذكور.[١][٢]


فوبيا الأماكن الضيقة

تُعدّ الفوبيا أو الرهاب من الأماكن الضيقة (بالإنجليزيّة: Claustrophobia) من اضطرابات القلق الشائعة، وتتمثل بشعور الشخص بخوف مفرط وغير منطقي عند التواجد بالأماكن الضيقة والمغلقة، وهذا يؤدي إلى تجنّبه التواجد في مثل هذه الأماكن أو الاضطرار لتحملها بطرق تساهم في التأثير بشكل سلبي في قدرة الشخص على التعامل مع بعض أنشطة ومجالات حياته، ولحسن الحظ من الممكن التغلب على هذه الحالة والتخفيف من القلق الشديد المصاحب لها في حال تلقّي العلاج المناسب.[٣][٤]


أعراض فوبيا الأماكن الضيقة

تتفاوت أعراض فوبيا الأماكن المغلقة من شخص إلى آخر، فالبعض قد يواجه قلقًا شديدًا ونوبة هلع من هذه الأماكن، والبعض الآخر قد يواجه قلقًا خفيفًا،[٥] ويمكن تفصيل الأعراض كالآتي:


الأعراض العامة لفوبيا الأماكن الضيقة

من الناحية السلوكية قد يظهر على الشخص الأعراض الآتية:[٦]

  • التحقق من المخارج والأبواب عند التواجد في أي قاعة، والوقوف بالقرب من المخارج في الأماكن المزدحمة بالأشخاص كالحفلات حتى لو كانت ذات مساحة متسعة.
  • شعور الشخص بشيء من الخوف عند إغلاق الأبواب وهو داخل الغرفة، وفي بعض الحالات الشديدة يُصاب الشخص بنوبة هلع.
  • تجنب السفر أو التنقل عندما تكون حركة المرور مزدحمة.
  • تجنب المصعد قدر الإمكان واختيار صعود الدرج.


أعراض نوبة الهلع المرافقة لفوبيا الأماكن الضيقة

قد يتعرض الكثير من الأشخاص المصابين بفوبيا الأماكن الضيقة إلى نوبات الهلع، فبالإضافة إلى مشاعر الخوف والقلق المصاحبة لنوبات الهلع،[٧] قد تظهر بعض ردود الفعل الآتية على جسد الشخص:[٨]

  • التعرق.
  • تسارع معدل ضربات القلب.
  • التنفس بسرعة.
  • الرجفة.
  • الشعور بالدوخة، كما لو أنّ الشخص سيفقد الوعي.
  • الغثيان.
  • الإغماء.
  • ضيق التنفس.[٩]
  • الشعور بألم في الصدر.[٩]
  • الشعور بالاختناق.[٩]
  • الصداع.[٩]
  • الشعور بخدر في الجسم.[٩]
  • جفاف الفم.[٩]
  • الشعور بحاجة ملحة للذهاب إلى المرحاض.[٩]
  • الرنين في الأذنين.[٩]
  • الارتباك.[٩]


أسباب فوبيا الأماكن الضيقة

في الحقيقة لا يوجد سبب واضح لإصابة الشخص بفوبيا الأماكن المغلقة، ولكنّ تعرض الشخص لصدمات سابقة يُمكن أن يساهم في تطور حالة الخوف لديه والإصابة بهذه الفوبيا،[١٠] كما قد يكون للعوامل الجينية دور في الإصابة،[١١] ومن الأمثلة على المواقف التي تبني رابطاً سلبياً بين الشخص والأماكن الضيقة:[٧]

  • التعرض فيما مضى للاحتجاز أو الانحصار في مكان مغلق.
  • التعرض فيما مضى لأشكال من الإساءة أو التخويف.
  • معاناة أحد الأبوين من فوبيا الأماكن الضيقة، فإذا كان أحد الأبوين يعاني من هذه الفوبيا، قد يصاب الطفل بها بسبب ربطه بين هذه الأماكن وقلق أمه أو أبيه، وشعوره بالعجز عن طمأنة وتهدئة الشخص الذي يحبه.


عوامل محفزة لحدوث فوبيا الأماكن الضيقة

تساهم مجموعة من العوامل بإثارة الخوف من الأماكن الضيقة، وفي بعض الحالات قد يكون حتى مجرد التفكير دون التواجد الفعلي بها محفّزاً للإصابة بالأعراض،[٧] ومن العوامل التي تؤدي إلى ذلك ما يأتي:[٥]

  • التواجد في بعض الأماكن مثل:
  • المصاعد.
  • الأنفاق.
  • القطارات والطائرات.
  • الغرف المزدحمة.
  • الغرف التي لا يوجد فيها نوافذ.
  • الحمامات العامة.
  • السيارات ذات القفل المركزي.
  • غرف القياس في محلات الملابس.
  • مغاسل السيارات.
  • أجهزة تصوير الرنين المغناطيسي (MRI).[٤]
  • استخدام الأبواب الدوّارة.[٥]
  • ارتداء ملابس ضيقة.[٥]


تشخيص فوبيا الأماكن الضيقة

قد يكون إدراك الشخص لخوفه من الأماكن الضيقة مؤشراً عالياً لاحتمالية إصابته بفوبيا الأماكن المغلقة، وخاصة إذا كان هذا الخوف يؤثر في أنشطته اليومية، ولديه قلق دائم من هذه المواقف، ولكن لوضع تشخيص رسمي لا بدّ أن يتحقق الطبيب المختص من أنّ الحالة تُوافق معايير تشخيصية محددة،[١٢] وتجدر الإشارة إلى أنّه لا يوجد فحص مخبري أو جسدي يمكنه تشخيص فوبيا الأماكن الضيقة، فيبدأ الطبيب التشخيص عادةً بالسؤال عن الأعراض التي يُعاني منها الشخص وعن تاريخ حياته، لاستبعاد أية مشاكل أخرى ذات صلة، ويُجري بعدها تقييمات واستبيانات طبية خاصة لفوبيا الأماكن الضيقة، مثل: مقياس رُهاب الأماكن المغلقة، واستبيان رُهاب الأماكن المغلقة (CLQ)، ولتأكيد التشخيص ينبغي على الطبيب التحقق من أنّ حالة الشخص توافق معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية والذي يُرمز له اختصاراً (DSM-5)، وهو المعيار التشخيصي للعديد من الاضطرابات النفسية.[١١]


علاج فوبيا الأماكن الضيقة

قد يوصي الطبيب بعد تشخيصه لإصابة الشخص بفوبيا الأماكن الضيقة بالعديد من الخيارات العلاجية، لمساعدة الشخص على السيطرة على مخاوفه وتحسين طبيعة حياته، وتشمل هذه الخيارات ما يأتي:[١٣]


العلاجات السلوكية والنفسية

تتضمن هذه العلاجات الآتي:

  • العلاج السلوكيّ المعرفيّ: (بالإنجليزية: Cognitive behavioral therapy) واختصارًا (CBT)، وهو الخيار الشائع لعلاج فوبيا الأماكن الضيقة، وينطوي على التحدث مع أخصائي نفسي بهدف المساعدة على إيجاد آليات مناسبة للتعامل مع الفوبيا، والابتعاد عن الأفكار السلبية فيما يتعلق بالأماكن الضيقة.[١٤]
  • العلاج بالتعرض: وهذا يعني وضع الشخص في مواقف مشابهة للأماكن التي تُخيفه تدريجيًّا، لمساعدته على تخطي المشكلة والتغلب على خوفه.[١٥]
  • علاج الواقع الافتراضي: (بالإنجليزية: Virtual reality therapy)، واختصارًا (VRT)، ويمثل هذا الخيار تقنية حاسوبية لمحاكاة الواقع، حيث توفر للشخص خوض تجربة خيالية في مساحة ضيقة، مثل المصاعد، أو أجهزة الرنين المغناطيسي، بهدف مساعدته على التخلص من خوفه.[١٥]
  • العلاج بالاسترخاء والتخيل: حيث يُساعد تعلّم تقنيات الاسترخاء والتأمل على تخطي الشخص لخوفه وهو في الأماكن الضيقة أو المغلقة.[١٥]
  • العلاج بالتنويم المغناطيسي:[١٦] حيث يقود أخصائي العلاج بالتنويم المغناطيسي المريض لحالة من التركيز والهدوء والاسترخاء، باستخدام التكرار اللفظي بصوت هادئ ومريح، ووصف صور ذهنية واقتراحات ذات مغزى لتحقيق الهدف من العلاج.[١٧]




تجدر الإشارة إلى أنّ الشخص لن يفقد السيطرة على سلوكه كما تصوّر لنا الأفلام والمسلسلات، وسيكون على دراية بما يحدث حوله خلال التنويم المغناطيسي.


[١٨]


  • العلاج بالنمذجة: في هذه الطريقة يترتب على الشخص المصاب بالفوبيا أن يشاهد أشخاصًا يواجهون مخاوفهم دون أن يصابوا بالأعراض أو الخوف، ويُطلب منه تقليدهم.[١٩]
  • إزالة التحسس وإعادة المعالجة عن طريق حركة العين: (بالإنجليزية: Eye Movement Desensitization and Reprocessing) وهي من العلاجات النفسية الحديثة، فتساعد هذه الطريقة على علاج الفوبيا المرتبطة بالتعرض لصدمة سابقة، وتركز على إضعاف شدة المشاعر السلبية المرتبطة بهذه الصدمة، فأثناء طلب المعالج من المصاب التركيز على ذكريات الصدمة، سيرشده في ذات الوقت للقيام بحركات معينة في عينيه من خلال تتبع محفز بصري يحدده المعالج، ومع تكرار هذا الإجراء مرات عدة يصبح شعور المصاب تجاه الصدمة أقل تدريجياً.[٢٠][٢١]


العلاج الدوائي

في حال لم تأت العلاجات غير الدوائية بنتيجة قد يصف الطبيب بعض أدوية القلق أو الأدوية المضادة للاكتئاب، لتساعد المريض على تجاوز خوفه،[١٥] ومن هذه الأدوية ما يأتي:[٢٠]

  • مضادات الاكتئاب: تُستخدم هذه الأدوية في حال كانت نوبات الهلع قوية لدى الشخص، ومنها: سيرترالين (Sertraline)‏، ومن أسمائه التجارية: ®Zoloft، فتقلل هذه الأدوية من القلق من خلال رفع مستويات السيروتونين في الدماغ، وهنا نُشير إلى أنّ السيروتونين هو أحد النواقل العصبية التي تؤثر في الحالة المزاجية للشخص.
  • مضادات القلق: ومن أمثلتها: أدوية البنزوديازيبين (Benzodiazepines)، ودواء بوسبيرون (Buspirone)، ويجدر التنويه إلى ضرورة الالتزام بتعليمات الطبيب بدقة عند تناول هذه الأدوية، وعدم التوقف بشكل مفاجئ عنها دون استشارته.


كيفية التعامل مع نوبة الخوف

يُمكنك اتباع الاستراتيجيات الآتية للتخفيف من المشاعر السلبية والتكيف مع فوبيا الأماكن المغلقة:[١٣]

  • ابق في نفس المكان في حال بدء نوبة الهلع، وانتظر حتى زوال الأعراض.
  • ذكّر نفسك أن المشاعر والأفكار السلبية والمخيفة جميعها ستزول.
  • ركّز على التفكير بشيء آخر لا يسبب لك أيّة مشاعر سلبية، مثل: الأشخاص الذين تحبهم.
  • تنفّس ببطء وعمق، مع العد للرقم 3 في كل نفس.
  • حاول تحدّي نفسك من خلال تذكيرها بأن كلّ شيء على ما يرام وليس هناك ما يدعو للخوف.
  • تصور النتائج الإيجابية بعد تخطيك للموقف.


وفي الحقيقة هناك بعض الاستراتيجيات طويلة المدى التي يُمكن أن تساعد في تجاوز هذه المشكلة، مثل: ممارسة اليوغا، أو حجز جلسة تدليك للعلاج العطري، أو ممارسة تمارين رياضية.[١٣]











المراجع

  1. "Claustrophobia", webmd, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  2. "Claustrophobia", ncbi.nlm.nih, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  3. "Claustrophobia", betterhealth, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  4. ^ أ ب "What Triggers Claustrophobia?", medicinenet, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت ث "Claustrophobia", healthdirect, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  6. "Claustrophobia", betterhealth, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  7. ^ أ ب ت "Claustrophobia", nhs, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  8. "Claustrophobia", betterhealth, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  9. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ "Claustrophobia", campbellspharmacy, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  10. "What it's like to experience claustrophobia", patient, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  11. ^ أ ب "What Is Claustrophobia?"، verywellhealth، اطّلع عليه بتاريخ 11/6/2021. Edited.
  12. "What Is Claustrophobia?", verywellmind, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  13. ^ أ ب ت "What's to know about claustrophobia?", medicalnewstoday, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  14. "What Triggers Claustrophobia?", medicinenet, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  15. ^ أ ب ت ث "Claustrophobia", webmd, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  16. "What Is Claustrophobia?", verywellhealth, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  17. "Hypnosis", mayoclinic, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  18. "Hypnosis", mayoclinic, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  19. "Claustrophobia", betterhealth, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  20. ^ أ ب "Claustrophobia Treatment", therecoveryvillage, Retrieved 11/6/2021. Edited.
  21. "EMDR: Eye Movement Desensitization and Reprocessing", webmd, Retrieved 7/7/2021. Edited.