هل يمكن الشفاء من الأمراض النفسية؟

على الرّغم من أنّ الإصابة بالأمراض النّفسيّة قد تُشكّل تحدٍّ لدى بعض الأشخاص، وقد يشعُر المرضى بالسّوء واليأس، إلّا أنّ العِلاجات وطُرق إدارة المرض ستُخلّص المرضى من هذا الشّعور بشكلٍ حتميّ، لذلك لا داعٍ للقلق.^[١]

هل يمكن الشفاء من الأمراض النفسية؟

حتى هذا الوقت لا يمكن الشفاء التام من معظم الأمراض النفسية والعقلية، ولكن عادةً ما يمكن علاجها بشكل فعّال لتقليل الأعراض المرافقة لها، والسماح للمصاب بممارسة أنشطته اليومية في العمل أو المدرسة أو البيئات الاجتماعية المختلفة بشكلٍ طبيعي،^[٢] وفي كثيرٍ من الحالات لا يمكن الشفاء من المرض النفسي والعقلي؛ بمعنى أنه لن يختفي أو يذهب للأبد،^[٣] ولكن هذا لا يعني أن المصاب سيشعر دائمًا بالحالة والأعراض ذاتها.^[١]

لماذا لا يمكن الشفاء من الأمراض النفسية؟

في الحقيقة، لا يزال معرفة كل ما يتعلق بالطب النفسي أمرًا مُبهمًا، وعلى الرغم من كثرة الادعاءات التي تشير إلى عكس ذلك، إلا أن علم الأعصاب لا يمتلك إلى الآن نموذجًا تجريبيًا موثوقًا لأي مرض نفسي يُمكّن الأطباء من دراسته وفهمه،^[٤] ويتم تشخيص وتصنيف الأمراض النفسية والعقلية بناءً على أعراضها؛ إذ لا توجد اختبارات دم، أو فحوصات تصويرية محددة لذلك، علمًا أن الطب النفسي حاول جاهدًا أن يجعل استخدام الأعراض أمرًا موثوقًا ومتسقًا، إلا أنه حقق نجاحًا متباينًا،^[٥] ولقد طورت الجمعية الأمريكية للطب النفسي (American Psychiatric Association) تصنيفًا رسميًا للأعراض، والذي كان مفيدًا جدًا للأطباء النفسيين في عيادات أو دول مختلفة لتشخيص الأمراض النفسية والعقلية بالطريقة ذاتها،^[٦] ومع ذلك عانى هذا التصنيف من مشكلتين رئيسيتين هما:^[٤]

• نظرًا لوجود عدد كبير ومتغير من الأعراض المنسوبة لكل مرض، ستتداخل أعراض كل اضطراب مع الآخر إلى حدٍ ما، مما يؤدي إلى عدم القدرة على التمييز بين التشخيصات.
• يختلف الدماغ البشري إما وراثيًا أو نتيجةً للتجارب الحياتية، لذا قد يؤدي اضطراب معين في الدماغ إلى ظهور أعراض مختلفة اعتمادًا على المصاب نفسه، ومن الجدير بالذكر أن سبب التشخيصات النفسية القليلة نسبيًا يعود إلى عدم معرفة كيفية تحليلها بدقة أكبر.

الفرق بين التّعايش مع المرض والتعافي منهُ

عندما يُشفى شخص من مرضٍ ما، فهذا يعني أنه ذهب منه، واختفى إلى الأبد، وهناك العديد من الأمراض التي لا يمكن الشفاء منها كمرض السكري، والذي بمجرد أن يصاب الشخص به فإنه سيبقى كذلك مدى الحياة، وحتى إن كان المرض مستمرًا مدى الحياة كالسكري فإنه يمكن علاجه، ويساعد تناول الأدوية الموصوفة بانتظام، واتّباع بعض التغييرات في نمط الحياة والتي تُعدّ خيارات علاجية لمرض السكري إلى منح المصاب بالمرض حياة طويلة وصحية، وينطبق الأمر كذلك على المرض النفسي، فعلى الرغم من عدم القدرة على الشفاء التام منه، إلا أن هناك الكثير من العلاجات الفعّالة التي تُمكّن الأشخاص المصابين بها من عيش حياة طويلة وصحية.^[١]

رحلة العلاج من المرض النفسي

لبدء رحلة العلاج مع المرض النفسي يحتاج المصاب إلى مراجعة أخصائي صحة عقلية مؤهل، والذي يقوم أولًا بالتحدث مع المصاب لمعرفة المزيد عن أعراضه، ومدة استمرار الأعراض، وكيف تتأثر حياته اليومية بها، كما يقوم أيضًا بإجراء فحص بدني لتحديد ما إذا كانت هناك مشاكل صحية أخرى يعاني منها، على سبيل المثال يمكن أن تحدث بعض الأعراض كالتقلبات المزاجية؛ بسبب مشاكل عصبية أو هرمونية مرتبطة بأمراض مزمنة كأمراض القلب، أو يمكن أن تكون ناتجة عن الآثار الجانبية لبعض الأدوية، وبعد تقييم الصحة العامة للمصاب وتشخيص حالته يضع الطبيب خطة علاجية محددة،^[٢][٧] ويمكن أن يشمل علاج المرض النفسي كلاً من الأدوية، والعلاج النفسي (بالإنجليزية: Psychotherapy)، وتغييرات نمط الحياة، ومجموعات الدعم والتي يعتمد اختيار الأنسب منها على نوع المرض وشدته.^[١]

أكثر الأمراض النفسية صُعوبةً في العِلاج

في الواقع، تختلف الآراء حول المرض النفسي الذي يُعدّ علاجه الأكثر صعوبةً، ومع ذلك يشار إلى اضطراب الشخصية الحدية (بالإنجليزية: Borderline Personality Disorder - BPD) على أنه المرض النفسي الأصعب علاجًا، ويُعرّف هذه الاضطراب بأنّه حالة طبية تتميز بوجود صعوبات في تنظيم العواطف والمشاعر، وهذا يعني أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية يشعرون بأنّ لديهم عاطفة كبيرة تستمر لفترات طويلة من الوقت، ومن الصعب عليهم العودة إلى خط الأساس المستقر بعد تعرّضهم لحدث مثير عاطفياً.^[٨][٩]