متى و لماذا ينتحر الإنسان؟

يُعتبَر الانتحار رابع مسبّبٍ للوفاة بين الأشخاص الذين يتراوح أعمارهم ما بين 15- 29 عامًا حسب إحصائيةٍ في عام 2019 ميلادي، إذ ينتحر نحو 703 آلاف شخصٍ سنويًا، وهو ما يسبب بدوره التأثير في العائلة، والمجتمع، والدوّل، كما يؤثّر بشكل كبير في الأشخاص المقرّبين، وفي هذا المقال سنتعرّف على الأسباب التي تدفع للانتحار، وكيفيّة الوقاية منها.^[١]

أسباب الانتحار

تتعدد الأسباب أو العوامل الّتي تدفع بعض الأشخاص للإقدام على الانتحار، نذكر منها ما يلي:^[٢]

الأمراض النفسية

يعاني ما يُقارب 90% من الأشخاص الذين ينتحرون من الأمراض النفسية، ومن هنا تُعدّ المشاكل العقليّة هي العامل الرئيسي الأكبر المؤدّي له، مع ضرورة التنويه إلى أنّه قد يُقدم الأشخاص السليمين على الانتحار أيضًا، ونذكر هنا مجموعة من الاضّطرابات الّتي قد ترتبط بالانتحار، منها:^[٢]

• الاكتئاب.
• اضطراب ثنائيّ القطب.
• اضطرابات القلق.
• اضطراب الشخصية الحديّة.
• الذّهان.

الإجهاد النفسي بعد الصدمة

قد يتعرّض بعض الأشخاص إلى مواقف تُسبب لهم شعورًا بالخطر أو الرُّعب الشديد، كتلك الّتي تتضمن الأذى الجسديّ أو التهديد به، مما يسبُّب لهم لاحقًا حالةً نفسيّة تُسمى الإجهاد بعد الصدمة، وفيما يلي بعض المُواقف الّتي قد تُسبب التعرّض لهذه الحالة:^[٣]

• التعرّض للإساءة الجنسيّة أو الجسدية في مرحلة الطفولة.
• التعرّض للهجمات الإرهابية.
• التعرّض للتحرّش الجنسي أو الجسديّ.
• مواجهة حوادث خطيرة، مثل حوادث السيارات.
• مشاهدة كوارث طبيعيّة، مثل: الحرائق، أو الأعاصير، أو الفيضانات، أو الزّلازل.

تعاطي المواد المخدّرة

يتعرّض الأشخاص الّذين يتعاطون المواد المخدّرة كالكوكايين، أو المهدئات، أو الأفيون لخطر الإقدام على الانتحار بشكل أكبر مقارنةً بالأشخاص الآخرين.^[٤]

الخسارة أو الخوف منها

قد يتعرّض البعض لفقدان أحد الأشخاص المقربّين، أو الفشل في المهام المختلفة، أو الخسارة، كما قد يعاني البعض من الخوف من التعرّض لمثل هذه المواقف أيضًا، مما يدفعهم ذلك للإقدام على الانتحار، ومن هذه المواقف ما يلي:^[٥]

• التعرّض للفشل الأكاديمي.
• التعرّض للتنمّر، أو السخرية بما في ذلك التنمّر الإلكتروني.
• التعرّض للمشاكل المالية.
• خسارة الأشخاص المقرّبين، أو فشل العلاقات العاطفية.
• خسارة العمل.
• فقدان أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء المقربين.
• فقدان المكانة الاجتماعية.

اليأس

قد يرتبط اليأس أحيانًا بخطر الإقدام على الانتحار، وبشكلٍ عام قد يرتبط أيضًا بعدم قدرة الفرد على تحسين حياته المستقبليّة، أو امتلاكه لأفكار سلبيّة حول المستقبل.^[٦]

الألم أو المرض المزمن

قد يُقدم بعض الأشخاص على الانتحار بسبب إصابتهم بمرضٍ أو ألمٍ مزمن لا علاج له مع عدم وجود أيِّ فرصة للتحسّن، وبالإضافة إلى ذلك قد يُقدم هؤلاء الأشخاص على الانتحار بسبب شعورهم بأنّهم عبءٌ أو ثقلٌ على الأشخاص من حولهم؛ وذلك لعدم قدرتهم على أداء المهام بأنفسهم، إذ يعتقدون بأنّ أفراد العائلة أو المقربين سيكونون بحال أفضل من دونهم.^[٥]

الوحدة والعزلة الاجتماعية

يشير مفهوم العزلة الاجتماعيّة إلى قلّة التواصل الاجتماعي مع الآخرين، وقد يقود ذلك للوحدة أيضًا، مع العلم بأنّ الوحدة أو الشّعور بذلك قد لا يرتبط بالعزلة الاجتماعية على وجه العموم، ولكن يجدر بالذّكر بأنّ هذا الشعور يرتبط بحالات نفسيّة، مثل الاكتئاب، والقلق مما قد يسبب الإقدام على الانتحار.^[٧]

عدم الحصول على المساعدة

قد يُقدم بعض الأشخاص على الانتحار بسبب عدم حصولهم على المساعدة الّتي يحتاجونها، والتي قد تتمثّل بكتابة ملاحظة، أو مكالمة هاتف، أو بريدٍ إلكتروني، أو الرد على اتصالاتهم في بعض الأحيان.^[٨]

الانتحار غير المقصود

ترتبط بعض حالات الوفاة بالانتحار إلى الانتحار غير المقصود، أي أنّ الشخص المتوفى قد لا يكون مُقدمًا على الانتحار، فعلى سبيل المثال قد يتعرّض الشخص للوفاة جرّاء التعرّض لمواد كيميائيّة سامّة ليظنّ الآخرون بأنّه أقدم على الانتحار، بالرّغم من أنّه تعرّض لحادثٍ لا أكثر، ذلك بالإضافة إلى الاختناق وغيرها من المواقف أيضًا.^[٥]

هل ترتبط الأدوية بخطر الإقدام على الانتحار؟

يتعرّض بعض الأشخاص للتفكير بالانتحار نتيجةً لتناولهم بعض العلاجات الطبيّة مثل مضادّات الاكتئاب، حيث يعدُّ ذلك من المضاعفات الطبيّة التي يُحتمل أن يتعرّض لها الأشخاص الّذين يستخدمون هذا العلاج، إلا أنّه يرتبط بشكل خاص بالمرضى الّذين يتناولون مثبّطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية، ويجدر بالذّكر أن مرضى الاكتئاب الّذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا، ويتناولون مضادّات الاكتئاب هم الأكثر عرضةً للتفكير بالانتحار، مع العلم بوجود أنواعٍ علاجيّة أخرى قد ترتبط بهذا الخطر، مثل أدوية تحسين المزاج، والأدوية المضادّة للذهان.^[٩]

ما هي العلامات الدالة على امتلاك الأفكار الانتحارية؟

فيما يلي بعض العلامات أو الدّلائل الّتي قد تُشير إلى الفكر الانتحاريّ عند الأشخاص، ونذكر منها ما يلي:^[١٠]

• التحدّث عن الانتحار باستخدام عبارات ضمنية، مثل أتمنى لو لم أُولد، أو أتمنى أن أموت، أو سأقتل نفسي.
• شراء سلاح أو عقاقير ممنوعة أو غيرها من الوسائل التي قد ترتبط بقتل النّفس.
• الإفراط في تناول المشروبات الكحوليّة أو العقاقير الممنوعة.
• الشعور باليأس أو عدم القدرة على تحقيق بعض المهام.
• تجربة بعض الأنشطة المؤذية، مثل: القيادة بشكلٍ متهورٍ أو تناول العقاقير الممنوعة.
• حدوث تغيّر في الروتين المعتاد، مثل: تغيير نمط أو ساعات النوم، أو تبديل النظام الغذائي.
• الرغبة بالعزلة، والانسحاب من التجمّعات الاجتماعية.
• إلقاء الأشياء الخاصّة، أو ممارسة بعض التصرّفات دون وجود أيِّ تفسيرٍ منطقيٍّ لذلك، مثل خيانة الزوّج.
• الشعور بالفرح الشديد في أحد الأيام، واليأس الشديد في اليوم الآخر؛ أي المعاناة من تقلّبات المزاج الشديدة.
• الانشغال الدائم بفكرة الموت أو العنف.
• توديع الأشخاص أو الأقارب بطريقةٍ تبدو بأنه لن يُلاقيهم مجددًا.
• الشُّعور بالقلق بشكلٍ كبير، أو حدوث تغيّرات كبيرة في السلوك، وخاصّةً في حالة ارتباط ذلك مع أيٍّ من العلامات التي تم ذكرها في النقاط أعلاه.

هل يمكن الوقاية من الاكتئاب؟

نعم. يجدر بالتنويه إلى أنّ خطر الإقدام على الانتحار ينخفض لدى الأشخاص الذين يحصلون على الدّعم من العائلة والأصدقاء، أو القادرين على الوصول للرعاية الصحيّة النّفسية، مقارنةً بالأشخاص المنعزلين أو غير القادرين على طلب المساعدة، وفيما يلي بعضُ الوسائل التي قد تحمي من خطر الإقدام على الانتحار، نذكر بعضها:^[١١]

• اقرأ معلوماتٍ كافية حول مخاطر الانتحار.
• تعرّف على علامات الانتحار أو غيره من الاضطرابات النفسية.
• كُن حذراً فيما يتعلّق بعلامات الانتحار.
• حاول تقديم المساعدة التي يحتاجها المريض.
• لا تتردد في سؤال المريض حول تفكيره بإيذاء نفسه.