الشخصية المزاجية في علم النفس

هل سبق لك وأن تعاملت مع شخصٍ يتغير مزاجه بشكلٍ سريعٍ ومن دون وجود سبب واضح؟ من الطبيعي أن يتغير مزاج الشخص خلال اليوم نتيجة العديد من العوامل، لكن يجب الانتباه إلى أن المزاجيّة الشديدة والمتغيرة بصورة سريعة قد تُشير إلى وجود مشاكل صحيّة أو نفسية، كما يمكن أن ترتبط المزاجية بتغُّيرٍ في الهرمونات، الأمر الذي قد يستدعي مراجعة الطبيب.^[١]

تعريف المزاجيَّة

يختلف تعريف المزاجيَّة على حسب نوع العلم الذي يقوم بتعريفه، وبالتَّالي يوجد العديد من التَّعاريف لها، وتعتبر المزاجيَّة إحدى جوانب الشَّخصيَّة، ويتمُّ تعريف الشَّخصيَّة المزاجيَّة (Temperament personality) في علم النفس بأنَّها نوع استجابة تتحكم بها المشاعر العاطفيَّة المسيطرة على الشَّخص في لحظة معيَّنة بحيث تتميَّز بشدَّتِّها وسرعتها في التَّفاعل مع الأمور، وبالإضافة إلى ذلك، فإنَّ لكل شخص طبيعته التي تغلب عليه في معظم الأوقات، لذلك يتميِّز كلٌّ إنسانٍ بمزاجٍ يدلُّ على شخصيَّته في الغالب، ويمكن تقسيم أنواع المزاجات إلى أربعة أقسام مميَّزة كما يأتي:^[٢]

• الشخصية المتفائلة والمستمتعة.
• الشخصية البطيئة في تفاعلها واللّامباليَّة.
• الشخصية الحزينة والتي تميل إلى الاكتئاب.
• الشخصية النشطة والمتفاعلة، كذلك سريعة الاستجابة.

صفات الشَّخصيَّة المزاجيَّة

بعد تعريف الشَّخصيَّة المزاجيَّة، من المهمّ تحديد الصِّفات التي تعكس سلوكها، لكي نستطيع التَّعرُّف عليها وفهمها جيِّدًا، ويوجد العديد من الصِّفات التي تميّز الشخصّية المزاجيّة، نذكر بعضها فيما يأتي:^[١][٣]

• تحوّل وتغيُّر سريع جدًا في نوع الحالة النَّفسيَّة التي يشعر بها الشَّخص، كأن يتحوّل شعوره بسرعة من السَّعادة إلى الحزن.
• تغيُّر المزاج من دون سبب واضح، مع استمراره لوقتٍ طويل.
• تأثير المزاج في العلاقات الإنسانيَّة مع الأشخاص المحيطين، بحيث تؤدّي هذه التقلُّبات المزاجيّة المفاجئة إلى إزعاجهم أو صعوبة قضاء الوقت معهم.
• فقدان القدرة على التَّحكُّم بالسُّلوك نتيجة هذه التَّغيُّرات المزاجيَّة التي تدمِّر الذّات، مثلًا؛ قد يبدأ الشخص المزاجيّ بالصراخ عند شعوره بالتَّوتُّر، أو قد يخطر على باله إيذاء نفسه أو من حوله.
• التَّميُّز بالمزاج الشَّديد، مثل الفرح والسَّعادة بشكل كبير، أو الحزن بشكل مبالغ فيه.
• فقدان القدرة على النَّوم بانتظام وبشكل كاف.
• إظهار المشاعر أمام النّاس وإعطائها الأولويَّة على حساب مشاعر الآخرين.^[٤]
• لوم الآخرين باستمرار كطريقة للابتعاد عن الغضب الدّاخليّ.^[٥]
• الحساسية بشكلٍ مبالغٍ فيه اتِّجاه الأمور الصَّغيرة التي في طبيعتها لا تؤثِّر في الشَّخصيَّات الأخرى بنفس النَّوع والمقدار.^[٦]

هل من الطَّبيعيّ أن يكون الشَّخص مزاجيّ؟

يمكن أن تكون المزاجيَّة صفة طبيعيَّة نتيجة عوامل معيَّنة ومواقف يمرّ بها الإنسان في الحياة، ويوجد العديد من التَّفسيرات الشَّائعة لذلك، وفي طبيعة الحال، فإنَّ الحوادث والظُّروف لهما القدرة على التَّأثير في المزاج، وبالتَّالي التأثير في السُّلوك، ومن الأمثلة على ذلك الشعور بالفرح عند سماع خبر سعيد، بينما الشعور في الحزن عند التعرض لحادثٍ سيئ، ويمكن للتَّغيُّرات الجسديَّة أن تفسِّر ذلك، مثل تغيُّر الهرمونات خلال الحمل أو خلال فترة الدَّورة الشَّهريَّة، والتي قد تسبب الشهور بفقدان الطَّاقة والحيويَّة، أو تغيُّر المزاج بشكلٍ سريعٍ دون القدرة على التَّحكُّم به، وفي نفس الوقت قد تدل هذه التقلبات المتكررة في المزاج على أسباب مرضيَّة، ومن الأمثلة على ذلك؛ بعض الأمراض النَّفسيَّة كاضطراب ثنائي القطب، أو أنواع مختلفة من الأمراض الجسديَّة.^[١]

^[١]

كيفية التَّعامل مع الشَّخص المَّزاجيّ

من المهمّ أثناء التَّعامل مع الشَّخص المَّزاجيّ عدم القيام بردّ فعلٍ يشبه سلوكهم الانفعالي، كما يجب التَّركيز على أنهم يعكسون ما بداخلهم من مشاعر تخصُّهم فقط، حيث أنَّهم يعبِّرون بالطَّريقة المناسبة لهم، كما يجدر عدم أخذ أفعالهم على نحو شخصيّ للغاية، وبالتَّالي إذا كنت تتعامل مع شخص مزاجيّ في العمل أو مع أحدٍ من أفراد العائلة، يفضِّل أن تبتعد قليلًا، وأن تمارس نشاطاً يخفِّف عنك، ويخرجك من حالة التَّفكير بموقفهم، ويفضَّل أن تسألهم عن شعورهم، وأن تكتفي بذلك، وذلك منعًا من استنزاف طاقتك أو السَّماح لهم بالتَّأثير في راحتك النَّفسيَّة.^[٤]

كيف تنبه الشَّخص إلى سلوكه المَّزاجيّ؟

يمكنك تنبيه الشَّخص المَّزاجيّ عن سلوكه الذي يزعجك من خلال التَّحدُّث معه بهدوء من دون لومٍ أو غضب، أو إظهار الانزعاج الواضح، وذلك من خلال سؤاله عن مشاعره وسبب تقلُّب مزاجه، كما يجب إظهار الاحترام والتَّقدير لحالته النَّفسيَّة، بهدف جعله مرتاحًا أثناء الحوار بحيث يعيد النَّظر في سلوكه المَّزاجيّ من دون تضارب في المواقف أو التَّسبُّب في جدال.^[٧]