تمرّ المرأة بمجموعةٍ من التّغيّرات في حالتها العاطفية والبدنية والسّلوكية بعد الولادة، والتي يُشار إليها باكتئاب ما بعد الولادة، ويُعزَى السبب في ذلك إلى التغيّرات الكيميائية والنّفسية التي تُرافِق الولادة،[١] إذ تُصاب 17% من النساء حول العالم بهذه التغييرات، وتُشكّل النساء في الدول الآسيوية ودول الشرق الأوسط أغلبية هذه النسبة مقارنةً بالنساء في الدول الغربية.[٢]
كيف يتم علاج اكتئاب ما بعد الولادة؟
يعتمد أسلوب العلاج المُتّبع على حدّة الاكتئاب، وعلى حاجة كلّ امرأة،[٣] والذي يمكن توضيحه على النحو التالي:
أولاً: الكآبة النفسية ما بعد الولادة
تمثل الكآبة النفسية التي تحصل بعد الولادة (بالإنجليزية: Baby Blues) أقلّ أنواع الاكتئاب حدّة، وتتميز بتقلّبات المزاج، ووجود صعوبة في النوم، ورغبة الأم المستمرّة في البكاء، إذ يبدأ الشّعور بهذه الأعراض بعد مرور يومين أو ثلاثة على الولادة، وتستمرّ هذه الحالة لمدة أسبوعين،[٣] ويتطلّب هذا النوع من الاكتئاب علاجًا منزليًا وإحداث تغييرات في أسلوب حياة الأم، وتشمل هذه التغييرات ما يأتي:
- ممارسة التمارين الرياضية: لدورها في تحسين الروح المعنوية والنفسية، فقد لُوحِظ أن ممارسة التمارين بعد التّعافي من الولادة يُساهِم في استرجاع الحالة البدنية السّابقة للحمل، ويمنح المرأة الشّعور بالحيوية والثقة.[٤]
- التواصل مع الآخرين ومشاركة المشاعر معهم: فقد يمنح ذلك الدعم اللازم للأم لتجاوز هذه المرحلة.[٥]
- تقبّل المساعدة من الآخرين: فالأمومة تجربةٌ تحتاج إلى الكثير من الوقت والعاطفة، ولا يوجد ما يسمّى بالأم الخارقة، لذلك يجب تقبّل المساعدة وطلبها من العائلة والأصدقاء.[٥]
- تخصيص وقتٍ للأم: واستغلاله في ممارسة النّشاطات التي تحبّها وتُشعِرُها بالسّعادة.[٥]
- أخذ قسطٍ من الرّاحة: والنوم لفتراتٍ كافية، وطلب المساعدة من الزوج في رعاية الطّفل خلال تلك الفترة.[٥]
- الالتزام بالعادات الصّحية في الأكل والشرب: وذلك بتناول وجباتٍ صحية بانتظام، والابتعاد عن شرب الكحول وتعاطي المخدرات.[٥]
- التعبير عن المشاعر بالكتابة: يمكن الاحتفاظ بمذكّرة صغيرة لتدوين الأم أفكارها ومشاعرها يوميًا، فقد يُفيدها الرّجوع إليها فيما بعد لتقييم مدى تحسّن حالتها.[٦]
- الاحتفال بأصغر الإنجازات: فأيّ إنجازٍ صغير هو نقطة تقدّم في المسار الصحيح.[٦]
- تقبل الشعور بالثقل: يعدّ الشّعور بتزايد المسؤوليات أمرًا طبيعيًا، ولا بدّ من تقبّله.[٦]
- التّواصل الجسدي مع الطفل: فهو يمنح الأم والطفل شعورًا بالراحة.[٧]
- تدليك الطفل: لتعزيز الرابطة بينه وبين أمه، والتّقليل من أعراض الاكتئاب لديها.[٧]
- الخروج والتعرّض لأشعة الشمس والهواء النقي: لمدة 10-15 دقيقة يوميًا، إذ يُساهِم ذلك في تحسين المزاج.[٧]
- التأمل: فهو من أساليب تخفيف الضّغط النفسي.[٨]
- التواصل مع أمهات مررن بتجارب مُشابِهة: وذلك للاستفادة من تجاربهن.[٩]
- التفكير قبل اتخاذ القرارات المهمة؛ كي لا تزداد التغييرات وبالتالي الضّغوطات في حياة الأم.[٩]
ثانياً: اكتئاب ما بعد الولادة
تتشابه أعراض اكتئاب ما بعد الولادة (بالإنجليزية: Postpartum Depression) مع كآبة الولادة، لكنها تكون أشدّ لدرجة تأثيرها في قدرة الأم على ممارستها لمهامها اليومية، ومنعها من العناية بطفلها، فضلاً عن استمرارها لفترةٍ أطول من أسبوعين،[٣] وهي حالة تستدعي مراجعة الطبيب للحصول على العلاج المناسب، ويمكن علاجه باستخدام طريقة واحدة أو مجموعة من الطّرق التالية:[٩][٤]
- العلاج النفسي: تساعد الجلسات العلاجية مع الطبيب النفسي أو أخصائي علم النفس الأم على التّغيير من طريقة تفكيرها وتصرفاتها، وتمكّنها من فهم مشاعرها بصورةٍ أوضح، مثل استخدام العلاج السلوكي المعرفي.
- العلاج بالأدوية: يتضمّن ذلك عدة مجموعات دوائية لا يمكن استخدامها إلا بوصفةٍ طبية، وهي:
- الأدوية المضادة للاكتئاب وخاصًة الآمنة منها في فترة الرضاعة.
- حقن البريكسانولون (Brexanolone) التي تُعطَى بالوريد لمدة 60 ساعة مستمرّةً تحت إشراف الطبيب.
- بخاخ الإسكيتامين (Esketamine) الأنفي الذي يستخدم من قبل الأطباء فقط، ولكنه ليس آمنًا خلال فترة الحمل والرضاعة.
- العلاج بالصدمات الكهربائية: وذلك للحالات المتقدّمة فقط، بعد فشل الطرق السابقة.
دواعي مراجعة الطبيب
تُنصَح الأم باللجوء إلى العناية الطبية بعد الولادة عند شعورها بالأعراض التالية:[١]
- استمرار أعراض اكتئاب ما بعد الولادة لأكثر من أسبوعين.
- فقدان القدرة على التّعامل مع المهام اليومية وإنجازها.
- مراودتها أفكار بإيذاء نفسها أو إيذاء طفلها.
- الشّعور بالإرهاق والذعر الشّديد في معظم الأوقات.
قد تصاب الأم بعد الولادة بما يعرف بذهان ما بعد الولادة (بالإنجليزية: Postpartum Psychosis)، وهو أكثر أنواع الاكتئاب حدّة، ويستمرّ لفتراتٍ طويلة جدًا، تشعر الأم عند الإصابة به بالتشويش، والهلوسات، والشكوك غير المنطقية، وقد تراودها أفكار انتحارية، وهي حالة طبية تستدعي التدخل الطبي الفوري.
هل يُصاب الرجال باكتئاب ما بعد الولادة؟
نعم. يشعر الرجال حديثو الأبوة بالقلق بسبب التفكير بالمسؤوليات الجديدة والتغييرات التي سيحدثها الفرد الجديد في حياتهم، وتُعرَف هذه الحالة أيضًا باكتئاب ما بعد الولادة عند الرجال،[١٠] وتتشابه حالة الاكتئاب عند الرجل مع حالة الاكتئاب عند المرأة في الأعراض التي ترافقها وطريقة علاجها، ولكنها تختلف في وقت ظهور هذه الأعراض؛ فقد تظهر عند الرجل قبل الولادة بينما عند المرأة بعد الولادة.[١١]
المراجع
- ^ أ ب "Postpartum Depression", clevelandclinic, Retrieved 28/7/2021. Edited.
- ↑ "Prevalence and incidence of postpartum depression among healthy mothers: A systematic review and meta-analysis", sciencedirect, Retrieved 28/7/2021. Edited.
- ^ أ ب ت "Postpartum depression", drugs, Retrieved 28/7/2021. Edited.
- ^ أ ب "Understanding Postpartum Depression -- Diagnosis and Treatment", webmd, Retrieved 28/7/2021. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج "Treatment - Postnatal depression", nhs, Retrieved 28/7/2021. Edited.
- ^ أ ب ت "Postpartum Depression (PPD)", familydoctor, Retrieved 28/7/2021. Edited.
- ^ أ ب ت "Life hacks: Dealing with postpartum depression", medicalnewstoday, Retrieved 28/7/2021. Edited.
- ↑ "4 Ways to Cope with Postpartum Depression & Anxiety During the Coronavirus Pandemic", hackensackmeridianhealth, Retrieved 28/7/2021. Edited.
- ^ أ ب ت "Postpartum depression", womenshealth, Retrieved 28/7/2021. Edited.
- ↑ "Postnatal depression in men", tommys, Retrieved 28/7/2021. Edited.
- ↑ "Antenatal depression and postnatal depression in men", raisingchildren, Retrieved 28/7/2021. Edited.