تختلف الاضطرابات النفسية في الأعراض عادةً، ولكنها تشترك في جوانب عامّة مثل وجود الأفكار، والتصرّفات، أو المشاعر، أو العلاقات غير الطّبيعية، من هذه الاضطرابات؛ مرض الاكتئاب، وانفصام الشخصية، والهوس الاكتئابي، وغيرها.[١]

وفي هذا المقال سنتحدث عن الهوس الاكتئابي.

ما هو الهوس الاكتئابي؟

عُرِف الهوس الاكتئابي (بالإنجليزية: Manic Depression) سابقًا باسم الاضطراب ثنائي القطب (بالإنجليزية: Bipolar Disorder)، وهو اضطرابٌ نفسي يسبب تغيّراتٍ غير طبيعية في المزاج ومستويات الطاقة، والنشاط، والتّركيز، مما يؤثر في القدرة على القيام بالمهام اليومية، وقد يعاني المريض من تقّلبات شديدة في المزاج، كأن يمرّ بأحد التالي:[٢]

  • نوبات الهوس الشّديدة (بالإنجليزية: Manic Episodes)؛ وهي فترة مزاج عالي جدًا، ينتج عنها سلوكياتٌ مُفعَمة بالحيوية أو سرعة الانفعال.
  • نوبات الهوس الخفيف (بالإنجليزية: Hypomanic Episodes)؛ إذا كان المزاج منخفض الشدّة.
  • نوبات الاكتئاب (بالإنجليزية: Depressive Episodes)؛ هي نوباتٌ يكون فيها المزاج منخفض جدًا وتكون مرتبطة بحزنٍ ويأسٍ وعدم مبالاة.


أنواع الهوس الاكتئابي

هنالك 3 أنواع من الهوس الاكتئابي، تشترك جميعها بالتّغيرات غير الطّبيعية في المزاج ومستوى نشاط المريض، ويتم تصنيفها كالتالي:[٣]

  • اضطراب ثنائي القطب النوع الأول: (بالإنجليزية: Bipolar I Disorder)؛ ويتضمّن نوبات هوس تستمرّ 7 أيام على الأقلّ، أو أعراض شديدة لنوبة الهوس تستدعي إدخال المريض إلى المستشفى، بالإضافة إلى حدوث نوبات اكتئاب تستمرّ لمدة أسبوعين على الأقلّ، ومن المحتمل أيضًا حدوث نوبات اكتئاب ذات طبيعة مشتركة تتضمّن أعراض اكتئاب وهوس في الوقت ذاته.
  • اضطراب ثنائي القطب النوع الثاني: (بالإنجليزية: Bipolar II Disorder)؛ ويتضمن نوبات اكتئاب بالإضافة إلى نوبات هوس منخفضة الشدة، لكن لا تصل شدّتها إلى شدة النوبات المرتبطة بالنوع الأول.
  • اضطراب دورية المزاج: (بالإنجليزية: Cyclothymic Disorder)؛ ويتضمّن فتراتٍ متناوبة تظهر فيها أعراض الهوس الخفيفة، وكذلك فتراتٌ لأعراض الاكتئاب، وتستمرّ هذه الأعراض حتى سنتين عند الكبار وسنة عند الصغار والمراهقين على الأقلّ، ولكنها لا تصل إلى حد التشخيص بنوبات الهوس والاكتئاب المعرف سابقًا.


أعراض الهوس الاكتئابي

قد تختلف الأعراض المتمثّلة بتغيّرات المزاج المُرتبطة بالهوس الاكتئابي، وتكون كما يلي:[٤]


أعراض نوبات الهوس

الشعور بالابتهاج الشّديد، والمزاج العالي.

  • الإحساس بالطّاقة المُفرِطَة على غير العادة.
  • الانفعال السّريع، والغضب الشديد.
  • مراودة الشخص كمية كبيرة من الأفكار السّريعة، والتحدث سريعًا.
  • تراجع الحاجة إلى النوم.
  • الشعور بالأهمية الكبيرة وامتلاك القوة والموهبة، بشكلٍ غير طبيعي.
  • القيام بأفعالٍ متهورة تدل على سوء التقييم للمواقف وفقد السّيطرة، مثل: الأكل والشرب بشكل مفرط، أو إنفاق كمية كبيرة من المال، أو القيام بممارسات جنسية متهورة.


أعراض نوبات الاكتئاب

الشعور بالحزن الشديد، وعدم الأهمية في الوجود.

  • الشعور بالوحدة، والانعزال عن الناس.
  • التحدث بشكل بطيء جدًا، والشعور بعدم وجود ما يُقال أو الاستمرار بنسيان الكلام.
  • تراجع شديد في الطاقة.
  • النوم بشكل مفرط.
  • تناول الطعام بشكل مفرط، أو تناول الطعام بشكل قليل جدًا.
  • فقدان الشغف للقيام بالأعمال المُعتادة، وعدم القدرة على القيام حتى بالأفعال البسيطة.
  • التفكير في الموت أو الانتحار.


الأعراض المشتركة بين الاكتئاب والهوس

قد يعاني المريض من أعراض الاكتئاب والهوس معًا، فقد يعاني مثلاً من الحزن الشديد وفقدان الأمل، وفي نفس الوقت الشّعور بامتلاك طاقةٍ مفرطة.


أسباب الهوس الاكتئابي

لم يتمّ اكتشاف سببٌ مؤكّد للهوس الاكتئابي إلى يومنا هذا، ولكن يربط العلماء حدوثه بوجود عدة عوامل، ومنها:[٥]

  • عوامل جينية: قد تزيد احتمالية الإصابة بالهوس الاكتئابي إذا كان أحد من العائلة مُصابٌ به من أب، أو أم، أو إخوة، ولكن الجينات ليست سببًا مطلقًا لحدوث المرض، فقد لُوحِظَ أنه قد يصيب أحد التوائم ولا يصيب الآخر.
  • الإجهاد والقلق: قد يؤدي التعرض لحدثٍ مُجهِدٍ عاطفيًا إلى نوبات من الهوس أو الاكتئاب، وذلك حسب قدرة تحمّل الشخص لهذه الأحداث، مثل: موت شخص عزيز، أو التعرّض لمرض ما، أو المرور في علاقات صعبة أو طلاق، أو مشاكل مالية، وغيرها.
  • بنية الدماغ ووظيفته: على الرّغم من عدم قدرة الفحوصات التّصويرية للدماغ على تشخيص المرض، إلا أن الباحثين توصّلوا إلى اختلافاتٍ طفيفة في حجم ونشاط بعض أجزاء الدماغ عند مرضى الهوس الاكتئابي، مقارنةً بالأشخاص العاديين.


تشخيص الهوس الاكتئابي

يتضمّن تحديد الإصابة بالهوس الاكتئابي من عدمه تقييم المريض كالتالي:[٦]

  • الفحص الجسدي: يقوم الطبيب بفحص جسدي، وتحاليل مخبرية، لتحديد وجود أيّ مرضٍ عضويّ مسببٍ للأعراض.
  • التقييم النفسي: قد يتم تحويل المريض إلى طبيب نفسي عند استثناء وجود مرض جسدي، ويتم من خلال التحدث مع الطبيب عن الأعراض، كما يملأ المريض استبيانًا حول صحّته النفسية، بالإضافة إلى توجيه أسئلةٍ عن طبيعة الأعراض من العائلة والأصدقاء المقرّبين، بعد أخذ إذن المريض.
  • مخطط الحالة المزاجية: قد يطلب الطبيب من المريض أن يسجّل يوميًا الحالة المزاجية له، بالإضافة إلى أنماط نومه، مما يساعد على التّشخيص وإيجاد العلاج المناسب.
  • معايير الاضطراب ثنائي القطب: يقارن الطبيب النفسي الأعراض لدى المريض مع معايير الاضطراب ثنائي القطب والاضطرابات ذات الصّلة التي تمّ وضعها من قبل الرابطة الأمريكية للطب النفسي (بالإنجليزية: American Psychiatric Association)، في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5).


علاج الهوس الاكتئابي

من الممكن السّيطرة على المرض عن طريق الالتزام بالأدوية وأسلوب الحياة الصحي، كأيّ مرضٍ مزمن آخر، كما يتمّ علاج الهوس الاكتئابي على نحو أساسي بالأدوية للسيطرة على الأعراض، وتحسين الحياة الاجتماعية للمريض، وتقليل احتمالية انتكاس الحالة، إلى جانب العلاج النفسي، ومن الأدوية الرّئيسية المُستخدمَة في العلاج هي:[٧][٨]

  • مثبّتات المزاج.
  • مضادات الذهان.
  • مضادات الاكتئاب.


نصائح للتعايش مع الهوس الاكتئابي

إلى جانب العلاج بالأدوية، من الضّروري اتباع النّصائح التي تساعد السّيطرة على الأعراض، ومنها:[٩]

  • الالتزام بالعلاج، واتباع تعليمات الطبيب، بالإضافة إلى التحلّي بالصّبر، ولكن يحتاج العلاج إلى وقتٍ لملاحظة نتائجه.
  • متابعة التغيّرات المزاجية، وأنماط النوم، والأفكار بشكل جيد، فمن الممكن تجنّب الوصول إلى مرحلةٍ أسوأ من المرض، وبالأخصّ إذا تمّ ملاحظة التغيّر في الأعراض بشكل مبكّر، ومعرفة العوامل التي تحفّزها والتخلّص منها.
  • الابتعاد عن العزلة، والتحدّث بصفةٍ دائمة مع شخصٍ ما، وبناء علاقات جديدة باستمرار، ومن المفضّل المشاركة في مجموعات الدعم لمرضى الهوس الاكتئابي.
  • الالتزام بأسلوب حياةٍ صحي، إذ تعدّ ممارسة الرياضات الهوائية مثل السباحة، والركض، والرقص، والتسلق، ذات تأثيرٍ جيّد على المزاج، بالإضافة إلى المحافظة على نظام نومٍ ثابت.
  • التقليل من الإجهاد النفسي، بالمحافظة على الهدوء والاسترخاء، كما يجب الحرص على الحصول على وقت فراغ أكبر، للقيام بأنشطةٍ متنوعة.
  • الالتزام بالغذاء الصحي، كالابتعاد عن الأطعمة التي تسبب تغيّرات مزاجية مثل الأطعمة المليئة بالكربوهيدرات، وتناول المكمّلات الغذائية مثل الحمض الدهني أوميغا 3، وتجنّب الكحوليات.

المراجع

  1. "Mental disorders", WHO, Retrieved 29/7/2021. Edited.
  2. "Bipolar Disorder", NIH, Retrieved 28/7/2021. Edited.
  3. "Bipolar Disorder", Medline Plus, Retrieved 28/7/2021. Edited.
  4. "Bipolar Disorder", nami, Retrieved 28/7/2021. Edited.
  5. "Bipolar disorder", Mayo clinic, Retrieved 29/7/2021. Edited.
  6. "Bipolar Disorder", camh, Retrieved 29/7/2021. Edited.
  7. "Living with Bipolar Disorder", Help Guide, Retrieved 29/7/2021. Edited.