يعدّ مرض الاكتئاب من الأمراض النّفسيَّة التي تؤثِّر في سلوك المريض ومشاعره، حيث يسبِّب حالة من عدم الإحساس والشُّعور لديه، بالإضافة إلى بعض التغيُّرات الجسديَّة أيضًا، ويشير الأطبّاء إلى ضرورة فهم مراحل مرض الاكتئاب وذلك للوصول إلى العلاج المناسب، لأنَّه يؤثّر في انتقال الإشارات العصبيَّة في الدِّماغ، مما يؤدي إلى تغيُّرات عدّةٍ فيه، ولمعرفة التغيُّرات التي تحدث للدَّماغ بسبب مرض الاكتئاب، يمكنك قراءة المقال التَّالي.[١]


ماذا يحدث للدَّماغ عند الاكتئاب؟

يساعد انتقال الإشارات العصبيَّة في الدِّماغ على تنظيم عمل الدِّماغ، وعندما يصاب المريض بالاكتئاب تبدأ الرَّوابط التي تفصل بين الخلايا العصبيَّة في التَّكسُّر، ممّا يؤدّي إلى حدوث اختلالٍ في عمل الدِّماغ حيث يبدّأ شكله بالتغيُّر، وبالتَّالي يختلف شكله عن شكل الدَّماغ الطبيعيّ، وعند استمرار الاكتئاب ومع زيادة شدّته، يستمر الدِّماغ بالتَّغيُّر تدريجيًّا، وعندها يبدّأ تأثير هذه التَّغيُّرات بالظهور كأعراضٍ مختلفةٍ على المريض، فتتغيَّر مشاعره، وأفكاره، وعلاقاته مع الآخرين، ومن المحتمل أن يعاني أيضًا من مشاكل هرمونيَّة أو آلام في جسده، ويتنوّع العلاج تبعًا لمدى حدّة الأعراض وتقدّمها، في ما يلي نذكر أهمّ الفروقات الّتي تحدث للدّماغ عند الاكتئاب.[١][٢]


حجم الدَّماغ

يسبِّب الاكتئاب المستمر أو المتكرر لدى المريض تغيُّرات في حجم الدِّماغ، حيث يصغّر حجم مناطق معيَّنة منه، وتشير الدِّراسات إلى بعض هذه المناطق مثل: المهاد، والنّواة الذنبيّة، والفصّ الجزيريّ، وذلك بسبب فقدان جزءٍ من المادَّة الرَّماديَّة-وتعرف بأنَّها أنسجة متخصِّصة تساعد على نقل المعلومات في الدِّماغ-، ومن المناطق التي قد تفقد المادَّة الرَّماديَّة في الدِّماغ أيضًا:[٣][٤]

  • الحصين: وهي منطقة الدماغ المسؤولة عن التَّعلّم وتنظيم الذّاكرة، كما أنَّها تنظم الإحساس والشعور، واستقبال هرمونات التَّوتُّر.
  • قشرة الفصّ الجبهيّ: وهي منطقة في الدَّماغ مسؤولة عن التخطيط، وتنظيم عملية التفكير.


إصابة الدِّماغ بالالتهاب

تشير الدِّراسات إلى احتمال وجود علاقة بين مرض الاكتئاب وإصابة الدِّماغ بالالتهاب، ولم يتمّ تحديد العامل الذي يسبّب ذلك حتّى الآن، إلّا أنَّ الالتهاب قد يؤدّي إلى تكسير الرَّوابط بين الخلايا العصبيَّة، مما يؤدّي إلى موتها، وقد يحدث الالتهاب في الأنسجة المتخصّصة في الدِّماغ المعروفة باسم النسيج الحشوي، مما يؤدّي إلى رفع مستوى عامل النخر الورميّ وما يعرف اختصارًا بال TNFα- وهو بروتينٌ يدخل في تكوين الالتهاب في الجسم-، تحديدًا عند منطقة الحصين والنواة المخطّطية، وبالتّالي قد يؤدي الالتهاب في الدِّماغ إلى الإصابة بالاكتئاب، وقد ينتج عن ذلك عدَّة مضاعفات، منها:[٥][٦]

  • صغر حجم الدِّماغ.
  • ضعف قدرة النَّواقل العصبيَّة على القيام بوظائفها.
  • انخفاض قدرة الدَّماغ على التغيَّر مع التقدّم في السن، حيث تتأثر المرونة العصبيَّة في الدِّماغ، وتعرف بأنّها خاصية معقدة تساعد الدِّماغ على تغيير تركيبته استجابة للمعلومات والتغيُّرات الجديدة.[٧]


تغيُّر هيكل الدِّماغ والأنسجة المكونة له

عند استمرار مرض الاكتئاب لفترة زمنيَّة طويلة، تتأثّر الأنسجة الرّابطة التي تكوّن مناطق معينة من الدِّماغ، حيث تحتاج إلى 8 أشهر على الأقلّ حتّى تتغيُّر وقد يستمرّ الخلل بشكلٍ دائمٍ أيضًا، وينعكس ذلك على فشل المناطق التي تكونها هذه الأنسجة الرابطة في القيام بوظائف الدِّماغ الأساسيَّة، ومن الأمثلة على ذلك:[٥]

  • ضعف في منطقة الحصين، ممّا يؤدّي إلى صعوبة في استرجاع المعلومات، وذلك لكونها مسؤولة عن التَّذكّر.
  • ضعف في قشرة الفصّ الجبهيّ، ممّا يؤدّي إلى فقدان القدرة على التَّركيز والتَّشتّت السَّريع، حيث يصعب على المريض إتمام مهامِّه بشكل كامل.
  • ضعف اللّوزة الدِّماغيَّة، ممّا يؤدّي إلى انخفاض قدرتها على العمل في تنظيم المشاعر والمزاج.


النَّواقل العصبيَّة والاكتئاب

يعتمد الدِّماغ على النَّواقل العصبيَّة في تنظيم وظائفه المختلفة، وحدوث أيِّ اختلالٍ في كميّة النَّواقل العصبيَّة قد يتسبب في الاكتئاب، وبالتَّالي فإنَّ العلاجات التي تخفف أعراض الاكتئاب تعمل على تصحيح اتّزان النواقل العصبيَّة المختلفة، تحديدًا الدوبامين، والنورإبينفرين، والسيروتونين، ونذكر في الجدول التَّالي عددًا من أهم النَّواقل العصبيَّة، بالإضافة إلى وظيفة كل منها في الدِّماغ:[٨][٩]


الناقل العصبي في الدماغ
الوظيفة
أسيتل كولين (Acetylcholine)
ناقل عصبيٌّ محفّز يساعد على انقباض العضلات، وتنظيم عمل الذاكرة، والهرمونات، ونبضات القلب.
جابا (GABA)
ناقل عصبي مثبّط يساعد على تنظيم المزاج.
دوبامين (Dopamine)
ناقل عصبّيٌ محفّز يساعد على التعلم، وتنظيم عمل الذاكرة، والشعور بالسعادة.
السيروتونين (Serotonin)
ناقل عصبي مثبّط يساعد على تنظيم النوم، المزاج، والشهية.
النورإبينفرين (Norepinephrine)
ناقل عصبي يساعد الدماغ على العمل، والمحافظة على الطاقة والانتباه.[١٠]
الغلوتامات (Glutamate)
ناقل عصبي مهم في تنظيم عمل الخلايا العصبيَّة، ولذلك ينتج في كميات معينة.[١١]


هل يعود الدِّماغ إلى طبيعته بعد الاكتئاب؟

نعم. قد تكون عودة الدِّماغ إلى وضعه الطبيعيّ ممكنةً بعد الشفاء من الاكتئاب، ويحدث ذلك من خلال أمرين:[١٢]


المراجع

  1. ^ أ ب "How Depression Affects the Brain", yalemedicine, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  2. "Make the Brain a Joyful Place and Combat Depression", uofmhealth, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  3. "Physical Effects of Depression on the Brain", webmd, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  4. "What is Grey Matter?", news-medical, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  5. ^ أ ب "4 Ways Depression Can Physically Affect the Brain", healthline, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  6. "The Role of Inflammation in Depression and Fatigue", ncbi, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  7. "Neuroplasticity", britannica, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  8. "What are neurotransmitters?", medicalnewstoday, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  9. "The Chemistry of Depression", verywellmind, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  10. "Norepinephrine's Role in Treating Mood Problems", verywellmind, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  11. "GLUTAMATE'S ROLE IN THE BRAIN", biohavenpharma, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  12. "Cell Atrophy and Loss in Depression: Reversal by Antidepressant Treatment", ncbi, Retrieved 27/7/2021. Edited.